الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ} (13)

و { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ } : مُفَسِّرٌ لقولِه " مَنْ يعمل " . و " مِنْ مَحاريب " بيانٌ لِما يَشاء .

قوله : " كالجوابِ " قرأ ابنُ كثير بإثباتِ ياء " الجوابي " وصلاً ووقفاً . وأبو عمروٍ وورشٌ بإثباتِها وَصْلاً ، وحَذْفِها وقفاً . والباقون بحَذْفِها في الحالَيْن . و " كالجواب " صفةٌ ل " جِفان " . والجِفانُ : جمعُ جَفْنَة . والجوابي : جمع جابِيَة كضارِبة وضوارِب . والجابيةُ : الحَوْضُ العظيم سُمِّيَتْ بذلك لأنه يُجْبى إليها الماءُ . وإسنادُ الفعلِ إليها مَجازٌ ؛ لأنه يُجْبَى فيها كما قيل : خابِية لِما يُخَبَّأُ فيها . قال الشاعر :

3724 بجِفانٍ تَعْتَرِي نادِيَنا *** مِنْ سَدِيْفٍ حين هاجَ الصِّنَّبِرْ

كالجوابي لاتِني مُتْرَعَةً *** لِقِرى الأضيافِ أو للمحتضِرْ

وقال الأعشى :

3725 نَفَى الذَّمَّ عن آلِ المُحَلَّقِ جَفْنَةٌ *** كجابِيَةِ السَّيْحِ العِراقيِّ تَفْهَقُ

وقال الأفوه :

3726 وقُدُوْرٍ كالرُّبا راسِيَةٍ *** وجِفانٍ كالجَوابي مُتْرَعَهْ

قوله : " شُكْراً " يجوز فيه أوجهٌ ، أحدها : أنه مفعولٌ به أي : اعْمَلوا الطاعةَ . سُمِّيَتِ الصلاةُ ونحوُها شكراً لسَدِّها مَسَدَّه . الثاني : أنه مصدرٌ مِنْ معنى اعْمَلوا ، كأنه قيل : اشكروا شكراً بعملكم ، أو اعملوا عملَ شكرٍ . الثالث : أنه مفعولٌ من أجله . أي : لأجل الشكر . الرابع : أنه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الحالِ أي : شاكرين . الخامس : أنه منصوبٌ بفعلٍ مقدرٍ مِنْ لفظِه ، تقديره : واشكروا شكراً . السادس : أنه صفةٌ لمصدرِ " اعْمَلوا " تقديره : اعْمَلوا عَمَلاً شُكْراً أي : ذا شكر .

قوله : " وقليلٌ " خبرٌ مقدمٌ . و " من عبادِيْ " صفةٌ له و " الشَّكورُ " مبتدأ .