الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا} (113)

قوله : { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ } في جواب " لولا " وجهان ، أظهرهما : أنه مذكورٌ وهو قولُه : " لَهَمَّتْ " والثاني : أنه محذوفٌ أي : لأضلُّوك ، ثم استأنف جملةً فقال : " لَهَمَّتْ " أي : لقد هَمَّتْ . قال أبو البقاء في هذا الوجه : " ومثلُ حذفِ الجوابِ هنا حَذْفُه في قوله : { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ } [ النور : 10 ] وكأنَّ الذي قَدَّر الجوابَ محذوفاً استشكل كونَ قولِه " لهمَّتْ جواباً لأنَّ اللفظَ يقتضي انتفاءَ هَمِّهم بذلك ، والغرضُ أنَّ الواقع كونُهم هَمُّوا على ما يُروى في القصة فلذك قَدَّره محذوفاً ، والذي جعله مثبتاً أجابَ عن ذلك بأحدِ وجهين : إمَّا بتخصيص الهَمِّ أي : لَهَمَّتْ هَمَّاً يؤثِّر عندك ، وإمَّا بتخصيص الإِضلال أي : يضلونك عن دينِك وشريعتِك ، وكلا هذهين الهمَّيْنِ لم يقع . و " اَنْ يُضِلُّونك " على حذف الباء أي : بأن يُضِلُّوك ، ففي محلِّها الخلافُ المشهور ، و " مِنْ " في " من شيء " زائدةٌ ، و " شيء " يراد به المصدرُ أي : وما يَضُرُّونك ضرراً قليلاً ولا كثيراً .