فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا} (113)

105

{ ولولا فضل الله عليك ورحمته } ولولا أن خصك الله بالفضل ، وهو النبوة ، والرحمة ، وهي العصمة { لهمت طائفة منهم } . . . من الناس . . { أن يضلوك } عن القضاء الحق والحكم العدل ، { وما يضلون إلا أنفسهم } بسبب تعاونهم على الإثم والعدوان ، وشهادتهم بالزور والبهتان ، لأن وباله عليهم { وما يضرونك من شيء } لأنك إنما عملت بظاهر الحال وما أمرت الأنبياء إلا بالحكم على الظواهر ، أو هو وعد بإدامة العصمة له مما يريدون في الاستقبال من إيقاعه في الباطل ، ثم أكد الوعيد بقوله : { وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة } أي إنه أمرك بتبليغ الشريعة إلى الخلق فكيف يليق بحكمته أن لا يعصمك عن الوقوع في الشبهات والضلالات ؛ { وعلمك ما لم تكن تعلم } من أخبار الأولين ، فيه معنيان : أحدهما- أن يكون كما قال : ( . . ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان . . ) ( {[1528]} ) أي : أنزل الله عليك الكتاب والحكمة وأطلعك على أسرارها ، وأوقفك على حقائقهما ، مع أنك ما كنت قبل ذلك عالما بشيء منهما ، فكذلك يفعل بك في مستأنف أيامك ، حتى لا يقدر أحد من المنافقين على إضلالك ؛ الثاني- أن يكون المراد منها خفيات الأمور وضمائر القلوب ، أي : علمك ما لم تكن تعلم من أخبار الأولين ، فكذلك يعلمك من حيل المنافقين ووجوه مكايدهم ما تقدر به على الاحتراز منهم ، { وكان فضل الله عليك عظيما } فيه دليل ظاهر على شرف العلم حيث سماه عظيما ، وسمي متاع الدنيا بأسرها قليلا .


[1528]:سورة الشورى. من الآية 52..