الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ وَرَحۡمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيۡءٖۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا} (113)

وقَفَ اللَّه تعالى نبيَّه على مقدارِ عِصْمَتِهِ له ، وأنها بفَضْل منه سُبْحَانه ورَحْمَتِهِ .

وقوله تعالى : { لَهَمَّتْ }[ النساء :113 ] .

معناه : لَجَعَلَتْهُ همَّها وشُغُلَها حتى تنفذه ، وهذا يدلُّ على أنَّ الألفاظ عامَّة في غير أهْل النَّازلة ، وإلاَّ فأهْلُ التعصُّب لبني أُبَيْرِقٍ قد وقَع هَمُّهم وثَبَت ، ثم أخبر تعالى أنهم { لا يضلُّون إلاَّ أنفسهم ، وما يَضُرُّونَكَ مِنْ شيء } قُلْتُ : ثم ذكر سبحانه ما أنعم بِهِ على نبيه مِنْ إنزالِ الكتابِ ، والحِكْمَةِ ، وتعليمِهِ ما لم يكُنْ يعلم ، قال ابنُ العربيِّ في " رحلته " : اعلم أنَّ علومَ القُرآنِ ثلاثةُ أقْسَامٍ : تَوْحِيدٌ ، وتَذْكِيرٌ ، وأَحْكَامٌ ، وعلْم التذكيرِ هو معظم القُرآن ، فإنه مشتملٌ علَى الوَعْد والوَعِيدِ ، والخَوْف والرجاء ، والقُرَبِ وما يرتبط بها ، ويدْعو إليها ، ويكُونُ عنها ، وذلك معنًى تَتَّسِعُ أبوابه ، وتمتدُّ أطنابه ، انتهى . وباقِي الآيةِ وعْدٌ كريمٌ لنبيِّهِ عليه السلام ، وتقريرٌ نعمه لدَيْه سبحانه لا إله غيره .