تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ} (12)

قوله :{ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن } يقول : لا تحققوا الظن ، وذلك أن الرجل يسمع من أخيه كلاما لا يريد به سوء ، أو يدخل مدخلا لا يريد به سواء فيراه أخوه المسلم ، أو يسمعه فيظن به سواء ، فلا بأس ما لم يتكلم به ، فإن تكلم به أثم ، فذلك قوله :{ إن بعض الظن إثم } ثم قال :{ ولا تجسسوا } يعني لا يبحث الرجل عن عيب أخيه المسلم ، فإن ذلك معصية { ولا يغتب بعضكم بعضا } نزلت في فتير ، ويقال : فهير خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنه قيل له : إنك وخيم ثقيل بخيل ، والغيبة أن يقول الرجل المسلم لأخيه ما فيه من العيب ، فإن قال ما ليس فيه فقد بهته .

ثم ضرب للغيبة مثلا ، فقال :{ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } يقول : إذا غاب عنك المسلم ، فهو حين تذكره بسوء بمنزلة الشيء الميت ، لأنه لا يسمع بعيبك إياه ، فكذلك الميت لا يسمع ما قلت له ، فذلك قوله :{ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } يعني كما كرهتم أكل لحم الميت ، فأكرهوا الغيبة لإخوانكم { واتقوا الله } في الغيبة فلا تغتابوا الناس { إن الله تواب } على من تاب { رحيم } آية بهم بعد التوبة ، والغيبة أن تقول لأخيك ما فيه من العيب ، فإن قلت ما ليس فيه فقد بهته ، وإن قلت ما بلغك فهذا الإفك .