جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ} (12)

{ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن } : وهو ظن السوء بأخيك المسلم ، { إن بعض الظن إثم } : فكونوا على حذر حتى لا توقعوا فيه ، { ولا تجسسوا } : لا تبحثوا عن عورات المسلمين ومعايبهم ، { ولا يغتب بعضكم بعضا } ، والغيبة ذكرك أخاك بما يكره ، مع أنه فيه ، فإن لمن يكن فيه ، فبهتان ، { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه } ، تمثيل لما ينال من عرضه على أفحش وجه ، { ميتا } ، حال من اللحم ، أو الأخ ، { فكرهتموه } ، الفاء فصيحة{[4698]} أي : إن عرض عليكم هذا فقد كرهتموه ، فهو تقرير وتحقيق للأول ، { واتقوا الله إن الله تواب } : بليغ في قبول التوبة ، { رحيم{[4699]} } ، روى الإمام أحمد ، والبيهقي أنه قيل : يا رسول الله فلانة وفلانة صائمتان وقد بلغتا الجهد ، فقال : " ادعها " ، فقال لإحداهما : " قيئ " ، فقاءت لحما ودما عبيطا وقيحا ، وللأخرى مثل ذلك ، ثم قال عليه الصلاة والسلام إن هؤلاء{[4700]} صامتا عما أحل الله ، وأفطرتا عما حرم الله عليهما أتت إحداهما للأخرى ، فلم تزالا تأكلان لحوم الناس حتى امتلأت أجوافهما قيحا " {[4701]}


[4698]:وفي هذا الفاء معنى الشرط نحو: فقد جئنا خراسانا، فلذلك قدرنا الشرط/12 منه.
[4699]:ولما منع عن الأذى بكل وجه أعقبه بأن الكل متساوون في النسب متشاركون في الجد والجدة فالكل كواحد، فقال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم} الآية/12.
[4700]:هكذا بالأصل، وعند الإمام أحمد: "إن هاتين"
[4701]:أخرجه أحمد (5/431) بسند فيه مجهول، وانظر الضعيفة.