الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّـٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (8)

قوله تعالى : { كُونُواْ قَوَّامِينَ } : تقدَّم نظيرُها في النساء إلا أنه هناك قَدَّم لفظة " القسط " وهنا أُخِّرت ، وكأن الغرضَ في ذلك - والله أعلمُ - أنَّ آية النساء جيء بها معرض الإِقرار على نفسِه ووالديه وأقاربه فبُدِىء فيها بالقسط الذي هو العدل من غير محاباةِ نَفْس ولا والدٍ ولا قرابة والتي هنا : جِيء بها في معرض تكر العداوة فبُدِئ فيها بالأمر بالقيام لله ؛ لأنه أردعُ للمؤمنين ، ثم ثَنَّى بالشهادة بالعدل ، فجيء في كل مَعْرِضٍ بما يناسِبُه . وقوله : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُم } [ المائدة : 2 ] تقدَّم مثله ، وظهورُ حرفِ الجر هنا يرجِّع تقديرَه قبلُ . " هو أقرب " : " هو " ضمير المصدر المفهوم من الفعل أي : العدل ، وقد تقدَّم له نظائُر كثيرة .