تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّـٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (8)

وقوله تعالى : { يأيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط } الآية . يحتمل أن تكون الآية في الشهادة نفسها ، كأنه قال كونوا شهداء لله ، واجعلوا الشهادة له . فإذا فعلوا هذا لا يمنعهم بغض أحد وولايته القيام بها . ندبهم الله أن يقولوا في الشهادة لله والحكم له ؛ يحكم للعدو كما يقوم للولي ، والله أعلم .

ويحتمل أن يكون في بيان الحق والحجج وتعليم الأحكام والشرائع ؛ كأنه يقول ، والله أعلم ، قوموا في بيان الحجج والحق وتعليم الأحكام لله ، لا يمنعكم بغض قوم ولا رضاهم على ألا تبينوا الحق لهم ، ولا تعلموا الحجج والأحكام لهم إشارة إلى قوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } [ الزخرف : 87 ] .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما [ أنه ] قال : { ولا يجرمنكم } أي لا يحملنكم { شنئان قوم } أي بغض قوم { على ألا تعدلوا } فيهم فإنما العدل لله في الرضا والسخط { اعدلوا هو أقرب للتقوى } يقول : قولوا العدل بالحق فإنه { أقرب للتقوى } .

وقوله تعالى : { اعدلوا هو أقرب للتقوى } أي اعدلوا هو التقوى كقوله تعالى : { إن رحمة الله قريب من المحسنين } [ الأعراف : 56 ] لأن العدل ليس إلا التقوى { واتقوا الله } في ترك ما أمركم به وارتكاب ما نهاكم عنه { إن الله خبير بما تعملون } وتضمرون من العدل والجور . خرج على الوعيد .