فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّـٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (8)

{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين } قد تقدم تفسيرها في النساء وصيغة المبالغة في قوامين تفيد أنهم مأمورون بأن يقوموا بها أتم قيام { لله } أي لأجله تعظيما لأمره وطمعا في ثوابه { شهداء بالقسط } أي العدل .

{ ولا يجرمنكم شنآن قوم } أي لا يحملنكم بغض قوم أو يكسبنكم وهما متقاربان ، وقيل الخطاب مختص بقريش لأنها نزلت فيهم وعليها يجري القاضي كالكشاف وغيرهما على أن الخطاب عام وهو الحق لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، قال عبد الله بن كثير نزلت في يهود خيبر ذهب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية فهموا أن يقتلوه فذلك قوله : { ولا يجرمنكم شنآن قوم } الآية{[608]} .

{ على أن لا تعدلوا } أي على ترك العدل فيهم لعداوتهم وكتم الشهادة ، وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى { اعدلوا } أمر بالعدل في كل أحد القريب والبعيد والصديق والعدو ، وتصريح بوجوبه بعدما علم من النهي عن تركه التزاما { هو } أي العدل المدلول عليه بقوله اعدلوا { أقرب للتقوى } التي أمرتم بها غير مرة أي أقرب لأن تتقوا الله أو لأن تتقوا النار { واتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون } .


[608]:أخرجه ابن جرير10/96عن عبد الله بن كثير.