غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّـٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (8)

1

واعلم أن التكاليف وإن كثرت إلاّ أنها منحصرة في نوعين : التعظيم لأمر الله وإليه الإشارة بقوله : { كونوا قوّامين لله } والشفقة على خلق الله وحث عليها بقوله : { شهداء بالقسط } قال عطاء : يقول لا تحاب في شهادتك أهل ودّك وقرابتك ولا تمنع شهادتك أعداءك وأضدادك . وقال الزجاج : بينوا دين الله لأن الشاهد يبين ما يشهد عليه . ثم أمر جميع الخلق بأن لا يعاملوا أحداً إلاّ على سبيل العدل والإنصاف ويتركوا الظلم والاعتساف فقال { ولا يجرمنكم } أي لا يحملنكم بغض { قوم على أن لا تعدلوا } أي فيهم فحذف للعلم . ثم استأنف فصرح لهم بالأمر بالعدل تأكيداً فقال : { اعدلوا } ثم استأنف فذكر لهم وجه الأمر بالعدل فقال : { هو } أي العدل الذي دل عليه اعدلوا { أقرب للتقوى } أي إلى الاتقاء من عذاب الله أو من معاصيه . وقيل : المراد سلوك سبيل العدالة مع الكفار الذين صدوا المسلمين عن البيت بأن لا يقتلوهم إذا أظهروا الإسلام ، أو لا يرتكبوا ما لا يحل من مثلة ، أو قذف أو قتل أولاد أو نساء أو نقض عهد أو نحو ذلك .

وفي هذا تنبيه على أن العدل مع أعداء الله إذا كان بهذه المكانة فكيف يكون مع أوليائه وأحبائه ؟

/خ11