فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّـٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (8)

{ قوامين لله } ناهضين بالحق لأجل ثواب الله ، كثيري القيام بأداء أماناته .

{ شهداء بالقسط } تشهدون بالعدل .

{ ولا يجرمنكم شنآن قوم } لا يحملنكم بغض جماعة من الناس .

{ يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط } يدعونا ربنا لننهض بحقوقه ، ونحرص على القيام بأماناته ، فلنقم في أنفسنا بالقربان والعبادات وفي غيرنا بالوصية بالخير ، والنهي عن الشر ، وإشاعة الرشد والبر ، ابتغاء مرضاة مولانا سبحانه وثوابه ، ولنشهد بالعدل دون حيف أو جور ؛ قال : عطاء : لا تحاب في شهادتك أهل ودك وقرابتك ، ولا تمنع شهادتك أعدائك وأضدادك ؛ وقال الزجاج : بينوا دين الله ، لأن الشاهد يبين ما يشهد عليه ؛ { ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا } ( أمر جميع الخلق بأن لا يعاملوا أحدا إلا على سبيل العدل والإنصاف ، ويتركوا الظلم والاعتساف ، . . أي : لا يحملنكم بغض قوم على أن لا تعدلوا ، أي فيهم ، فحذف للعلم ، ثم استأنف فصرح لهم بالأمر بالعدل تأكيدا فقال : { اعدلوا } ثم استأنف فذكر لهم وجه الأمر بالعدل فقال : { هو } أي العدل الذي دل عليه { اعدلوا } ، { أقرب للتقوى } أي إلى الاتقاء من عذاب الله ، أو من معاصيه ؛ وقيل : المراد سلوك سبيل العدالة مع الكفار الذين صدوا المسلمين عن البيت ، بأن لا يقتلوهم إذا أظهروا الإسلام ، أو لا يرتكبوا ما لا يحل من مُثلة أو قذف أو قتل أولاد أو نساء ، أو نقض عهد ، أو نحو ذلك ؛ وفي هذا تنبيه على أن العدل مع أعداء الله إذا كان بهذه المكانة ، فكيف يكون مع أوليائه وأحبائه ؟ !