الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلِمَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ} (46)

قوله : { مَقَامَ رَبِّهِ } : يجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً ، وأَنْ يكونَ مكاناً . فإِنْ كان مصدراً ، فيُحْتمل أَنْ يكونَ مضافاً لفاعلِه ، أي : قيامَ ربِّه عليه وحِفْظَه لأعمالِه مِنْ قولِه : { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [ الرعد : 33 ] ويُرْوَى هذا المعنى عن مجاهد ، وأن يكونَ مضافاً لمفعولِه . والمعنى : القيام بحقوق الله فلا يُضَيِّعُها . وإنْ كان مكاناً فالإِضافةُ بأَدْنى مُلابسة لَمَّا كان الناسُ يقومون بين يَدَيِ اللّهِ تعالى للحاسب في عَرَصات القيامة . قيل : فيه مَقامُ الله . والظاهرُ أن الجنَّتَيْن لخائفٍ واحدٍ . وقيل : جنةٌ لخائفِ الناسِ ، وأُخرى لخائفِ الجنِّ ، فيكون من بابِ التوزيعِ . وقيل " مَقام " هنا مُقْحَمٌ والتقدير : ولِمَنْ خاف ربَّه وأنشد :

4186 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ونَفَيْتُ عنه *** مَقامَ الذِّئْبِ كالرَّجُلِ اللعينِ

أي : نَفَيْتُ الذئبَ ، وليس بجيدٍ ؛ لأنَّ زيادةَ الاسمِ ليسَتْ بالسهلة .