الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلِمَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ} (46)

{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } أي مقامه بين يدي ربّه ، وقيل : قيامه لربه ، بيانه قوله :

{ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ المطففين : 6 ] ، وقيل : قيام ربّه عليه ، بيانه قوله :

{ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [ الرعد : 33 ] قال إبراهيم ومجاهد : هو الرجل يهمّ بالمعصية فيذكر الله تعالى فيدعها من مخافة الله . قال ذو النون : علامة خوف الله أن يؤمنك خوفه من كل خوف ، وقال السدّي : شيئان مفقودان الخوف المزعج والشوق المقلق .

{ جَنَّتَانِ } بستانان من الياقوت الأحمر ، والزبرجد الأخضر ، ترابهما الكافور والعنبر وحمأتهما المسك الأذفر ، كل بستان منهما مسيرة مائة سنة ، في وسط كلّ بستان دار من نور .

قال محمد بن علي الترمذي : جنة بخوفه ربّه ، وجنّة بتركه شهوته . قال مقاتل : هما جنّة عدن وجنّة النعيم ، وقال أبو موسى الأشعري : جنّتان من ذهب للسابقين ، وجنتان من فضة للتابعين .

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : " هل تدرون ما هاتان الجنتان ؟ ، هما بستانان في بساتين ، قرارهما ثابت ، وفرعهما ثابت ، وشجرهما ثابت " .

وأخبرني عقيل إجازة قال : أخبرنا المعافى قراءة قال : أخبرنا محمد بن جرير الطبري قال : حدّثني محمد بن موسى الجرشي قال : حدّثنا عبد الله بن الحرث القرشي قال : حدّثنا شعبة بن الحجاج قال : حدّثنا سعيد الحريري عن محمد بن سعد عن أبي الدرداء قال :

" قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } فقلت : وإن زنى وإن سرق ؟ ، قال : " وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء " .

{ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }