قوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ } : فاعل " يَسْأل " يعود على معلوم ، وهم مَنْ حَضَرَ بَدْراً . و " سأل " تارةً تكونُ لاقتضاء معنى في نَفْسِ المسؤول فتتعدَّى ب " عن " كهذه الآية ، وكقول الشاعر :
سَلي إنْ جَهِلْتِ الناسَ عنَّا وعنهمُ *** فليس سواءً عالمٌ وجَهولُ
وقد تكون لاقتضاء مالٍ ونحوه فتتعدَّى لاثنين نحو : " سألت زيداً مالاً " . وقد ادَّعى بعضُهم أن السؤالَ هنا بهذا المعنى ، وزعم أن " عَنْ " زائدةٌ ، والتقدير : يسألونك الأنفالَ ، وأيَّد قولَه بقراءة سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وعلي بن الحسين وزيدٍ ولدِه ومحمد الباقر ولدِه أيضاً وولده جعفر الصادق وعكرمة وعطاء : " يسألونك الأنفالَ " دون " عن " . والصحيحُ أن هذه القراءةَ على إرادةِ حرفِ الجر . وقال بعضهم : " عن " بمعنى " مِنْ " . وهذا لا ضرورةَ تدعو إليه .
وقرأ ابنُ محيصن : " عَلَّنْفَال " . والأصل : أنه نقل حركةَ الهمزة إلى لام التعريف ، ثم اعتدَّ بالحركة العارضة فأدغم النونَ في اللام كقوله : { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم } [ العنكبوت : 38 ] ، وقد تقدَّم ذلك في قوله { عَنِ الأَهِلَّةِ } [ البقرة : 189 ] .
والأنفال : جمع نَفَل وهي الزيادة على الشيء الواجب وسُمِّيَتْ/ الغنيمة نَفَلاً لزيادتِها على حِماية الحَوزة . قال لبيد :
إنَّ تقوى ربِّنا خيرُ نَفَلْ *** وبإذنِ الله رَيْثي وعَجَلْ
إنَّا إذا احْمَرَّ الوغَى نَرْوي القَنا *** ونَعِفُّ عند مَقاسِمِ الأنفالِ
وقيل : سُمِّيت " الأَنْفال " لأنَّ المسلمين فُضِّلُوا بها على سائر الأمم . وقال الزمخشري : " والنَّفَل : ما يُنْفَلُه الغازي ، أي يُعْطاه زيادةً على سهمه من المَغْنم " .
قوله : { ذَاتَ بِيْنِكُمْ } : قد تقدَّمَ الكلامُ على " ذات " في آل عمران . وهي هنا صفةٌ لمفعولٍ محذوف تقديره : وأَصْلِحوا أحوالاً ذاتَ افتراقِكم وذاتَ وَصْلِكم ، أو ذاتَ المكانِ المتصلِ بكم ، فإنَّ " بين " قد قيل إنه يُراد به هنا الفراقُ أو الوصل أو الظرف . وقال الزجاج وغيره : " إنَّ " ذات " هنا بمنزلة حقيقة الشيء ونفسه " وقد أوضح ذلك ابنُ عطية . والتفسير ببيان هذا أولى .
وقال الشيخ : " والبَيْنُ : الفِراق ، و " ذات " نعت لمفعول محذوف أي : وأَصْلِحوا أحوالاً ذات افتراقكم ، لمَّا كانت الأحوالُ ملابِسةً للبَيْن أُضِيْفَتْ صفتُها إليه ، كما تقول : اسْقِني ذا إنائك أي : ماءً صاحبَ إنائك ، لَمَّا لابس الماءُ الإِناءَ وُصِفَ ب " ذا " وأُضيف على الإِناء . والمعنى : اسقِني ما في الإِناء من الماء " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.