الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (27)

قوله تعالى : { وَتَخُونُواْ } : يجوز فيه أن يكونَ منصوباً بإضمار " أَنْ " على جواب النهي أي : لا تجمعوا بين الجنايتين كقوله :

لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَه *** عارٌ عليك إذا فَعَلْت عظيمُ

والثاني : أن يكونَ مجزوماً نسقاً على الأول ، وهذا الثاني أَوْلى ؛ لأنه فيه النهيُ عن كلِّ واحدٍ على حِدَته بخلاف ما قبله ، فإنه نهيٌ عن الجمع بينهما ، ولا يلزمُ من النهي عن الجمع بين الشيئين النهيُ عن كلِّ واحدٍ على حِدَته . وقد تقدَّم تحريرُ هذا في قوله : { وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ } [ البقرة : 42 ] أولَ البقرة .

و " أماناتِكم " على حَذْف مضاف أي : أصحابَ أماناتكم . ويجوز أن يكونوا نُهوا عن جناية الأماناتِ مبالغةً كأنها جُعِلت مخونةً . وقرأ مجاهد ورُوِيت عن أبي عمرو " أمانتكم " بالتوحيد والمرادُ الجمع .

" وأنتم تعلمون " جملة حالية ، ومتعلَّقُ العلم يجوز أن يكون مراداً أي : تعلمونَ قُبْحَ ذلك أو أنكم مؤاخذون بها . ويجوز ألاَّ يُقَدَّر أي : وأنتم من ذوي العلم . والعلمُ يُحتمل أن يكون على بابه ، وأن يكونَ بمعنى العرفان .