جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (27)

{ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول } بترك فرائض الله وسننه ، أو بما تضمروا خلاف ما تظهرون { وتخونوا } داخل في النهي ، أو نصب بإضمار أن { أماناتكم } أي : لا تنقضوا كل عمل ائتمن الله عليه العباد ، أو لا تخونوا أماناتكم فيما بينكم بأن لا تحفظوها { وأنتم تعلمون } أنها أمانة ، أو أنتم{[1835]} علماء ، قال كثير من السلف : نزلت {[1836]} في أبي لبابة حين حاصر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قريظة وأمرهم أن ينزلوا على حكم سعد فاستشار قريظة من أبي لبابة في النزول على حكم سعد ، وكان أهل أبي لبابة وأمواله فيهم فأشار إلى حلقه أنه الذبح{[1837]} فتلك خيانة .


[1835]:تميزون الحسن من القبيح/12.
[1836]:رواه سعيد بن منصور وغيره، عن عبد الله بن أبي قتادة/ 12 أسباب النزول للسيوطي [ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(3/322) وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ].
[1837]:فأشار إلى حلقه أنه الذبح، فنزلت، وعن الزهري نحوه بأطول منه، وعن الكلبي والسدى نحوه، ولما اشتد الحصار ببني قريظة أطاعوا وانقادوا أن ينزلوا على ما يحكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحكم فيه سعد بن معاذ، وقال: إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال، وتسبي الذراري والنساء، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة"، وفي كتاب العلو المنسوب للإمام الذهبي، وعن سعد بن أبي وقاص "أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال لسعد يعني أن معاذ- رضي الله عنه -: "لقد حكمت فيهم – يعني بني قريظة - بحكم الملك من فوق سبع سماوات" هذا حديث صحيح، وقد رواه الأموي في المغازي عن ابن عباس عن معبد بن كعب بن مالك أن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة "قال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع أرقعة"، وحديث سعد بن أبي وقاص أصح، انتهى بلفظه، وهذان الحديثان ذكرهما صاحب الفتح تحت هذه الآية عن المواهب اللدنية/12 [ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/332) أثر الزهرى والكلبى والسدى وحديث سعد بن معاذ أخرجه البخاري في "المغازي" (4121)].