ثم منعهم من الخيانة في الأمانة . يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر يهود بني قريظة إحدى وعشرين ليلة فسألوا الصلح كما صالح إخوانهم بني النضير على أن يسيروا إلى أذرعات وأريحاء من أرض الشام ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأبوا وقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة بن مروان بن المنذر وكان مناصحاً لهم لأن عياله وماله في أيديهم . فبعثه إليهم فقالوا له : ما ترى هل ننزل على حكم سعد ؟ فأشار إلى حلقه إنه أي إن حكم سعد بن معاذ هو الذبح . قال أبو لبابة : فما زالت قدماي حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله فنزلت الآية . فشد نفسه على سارية من سواري المسجد وقال : والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله عليّ . فمكث سبعة أيام حتى خرّ مغشياً عليه ثم تاب الله عليه فقيل له : قد تيب عليك في نفسك . فقال : لا والله لا أحلها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني . فجاءه فحله بيده فقال : إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالي . فقال صلى الله عليه وسلم : يجزيك الثلث أن تتصدق به . وقال السدي : كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فيفشونه ويلقونه إلى المشركين فنهاهم الله عن ذلك . وقال ابن زيد نهاهم الله أن يخونوا كما صنع المنافقون يظهرون الإيمان ويسرون الكفر . وعن جابر بن عبد الله أن أبا سفيان خرج من مكة فعلم النبي صلى الله عليه وسلم خروجه وعزم على الذهاب إليه فكتب إليه رجل من المنافقين إن محمداً يريدكم فخذوا حذركم فنزلت . وقال الزهري والكلبي : نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة بخروج النبي صلى الله عليه وسلم إليها حكاه الأصم . قال القاضي : والأقرب أنها في الغنائم . فالخيانة فيها خيانة الله لأنها عطيته ، وخيانة لرسوله لأنه القيم بقسمتها ، وخيانة للمؤمنين الغانمين فلكل منهم فيها حق . قال : ويحتمل أن يراد بالأمانة كل ما تعبد به كأن معنى الآية إيجاب أداء التكاليف بأسرها في الغنيمة وغيرها على سبيل التمام والكمال من غير نقص ولا إخلال ، ومعنى الخون النقص كما أن معنى الوفاء التمام فإذا خنت الرجل في شيء فقد أدخلت النقصان فيه ، وقد استعير فقيل : خان الدلو الكرب ، وخان الشتار السبب . والكرب حبل قصير يوصل بالرشاء ويكون على العراقيّ سمي كرباً لأنه يكرب من الدلو أي يقرب منه . واشتار العسل إذا اجتناه وجمعه . وتخونوا يحتمل أن يكون جزماً داخلاً في حكم النهي وأن يكون نصباً بإضمار أن كقوله { وتكتموا الحق } [ البقرة : 42 ] ومعنى الآية على الوجه العام لا تخونوا الله بأن تعطلوا فرائضه ورسوله بأن لا تستنوا به وأماناتكم فيما بينكم بأن لا تحفظوها وأنتم تعلمون تبعة ذلك ووباله ، أو تعلمون أنكم تخونون يعني أن الخيانة توجد منكم عمداً لا سهواً . وقيل : وأنتم علماء تعلمون قبح القبيح وحسن الحسن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.