الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُواْ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَلَمۡ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَا رَسُولِهِۦ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَلِيجَةٗۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (16)

قوله تعالى : { وَلَمْ يَتَّخِذُواْ } : يجوز في هذه الجملة وجهان ، أحدهما : أنَّها داخلةٌ في حيِّز الصلاة لعطفِها عليها أي : الذين عاهدوا ولم يتَّخذوا . الثاني : أنَّها في محلِّ نصب على الحال من فاعل " جاهدوا " أي : جاهدوا حالَ كونِهم غيرَ متخذين وَلِيْجَةً .

و " وَلِيجة " مفعول . و { مِن دُونِ اللَّهِ } : إمَّا مفعول ثان ، إن كان الاتخاذُ بمعنى التصيير ، وإمَّا متعلقٌ بالاتخاذ إن كان على بابه . والوَليجة : فَعِيلة مِنَ الوُلوج وهو الدخول . والوليجة : مَنْ يُداخِلك في باطن أمورك . وقال أبو عبيدة : " كُلُّ شيءٍ أَدْخَلْته في شيءٍ وليس منه فهو وليجة ، والرجلُ في القوم وليس منهم ، يقال له وَليجة " ، ويُستعمل بلفظٍ واحد للمفرد والمثنى والمجموع . وقد يُجمع على وَلائج ووُلُج كصحيفة وصحائف وصُحُف . وأنشدوا لعبادة بن صفوان الغنوي :

2474 وَلائِجُهُمْ في كل مَبْدَى ومَحْضَرٍ *** إلى كلِّ مَنْ يُرْجَى ومَنْ يَتَخَوَّفُ

وقرأ الحسن " بما يَعْملون " بالغَيْبةِ على الالتفات ، وبها قرأ يعقوب في رواية سَلاَّم .