البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (39)

قال الزمخشري : ومعنى إغوائه إياه نسبته لغيه ، بأن أمره بالسجود لآدم عليه السلام ، فأفضى ذلك إلى غيه .

وما الأمر بالسجود الأحسن ، وتعريض للثواب بالتواضع ، والخضوع لأمر الله ، ولكن إبليس اختار الإباء والاستكبار فهلك ، والله تعالى بريء من غيه ومن إرادته والرضا به انتهى .

وهو على طريقة الاعتزال .

والضمير في لهم عائد على غير مذكور ، بل على ما يفهم من الكلام ، وهو ذرية آدم .

ولذلك قال في الآية الأخرى : { لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً } والتزين تحسين المعاصي لهم ووسوسته حتى يقعوا فيها في الأرض أي : في الدنيا التي هي دار الغرور لقوله تعالى : { أخلد إلى الأرض واتبع هواه } أو أراد أني أقدر على الاحتيال لآدم ، والتزيين له الأكل من الشجرة وهو في السماء ، فأنا على التزيين لأولاده أقدر .

أو أراد لأجعلن مكان التزيين عندهم الأرض ، ولأرفعن رتبتي فيها أي : لأزينها في أعينهم ، ولأحدثنهم بأنّ الزينة في الدنيا وحدها حتى يستحبوها على الآخرة ويطمئنوا إليها دونها ، ونحوه : يجرح في عراقيبها نصلي قاله الزمخشري .