وفي كل أمة فيها منها حذف في السابق من أنفسهم وأثبته هنا وحذف هناك في وأثبته هنا ، والمعنى في كليهما : أنه يبعث الله أنبياء الأمم فيهم منهم ، والخطاب في ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم ، والإشارة بهؤلاء إلى أمته .
وقال ابن عطية : ويجوز أن يبعث الله شهداء من الصالحين مع الرسل .
وقد قال بعض الصحابة : إذا رأيت أحداً على معصية فانهه ، فإنْ أطاعك وإلا كنت عليه شهيداً يوم القيامة انتهى .
وكان الشهيد من أنفسهم ، لأنه كان كذلك حين أرسل إليهم في الدنيا من أنفسهم .
وقال الأصم أبو بكر المراد الشهيد هو أنه تعالى ينطق عشرة من أجزاء الإنسان حتى تشهد عليه ، لأنه قال في صفة الشهيد من أنفسهم ، وهذا بعيد لمقابلته بقوله : وجئنا بك شهيداً على هؤلاء ، فيقتضي المقابلة أنّ الشهداء على الأمم أنبياؤهم كرسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونزلنا استئناف إخبار ، وليس داخلاً مع ما قبله لاختلاف الزمانين .
لما ذكر ما شرفه الله به من الشهادة على أمته ، ذكر ما أنزل عليه مما فيه بيان كل شيء من أمور الدين ، ليزيح بذلك علتهم فيما كلفوا ، فلا حجة لهم ولا معذرة .
والظاهر أنّ تبياناً مصدر جاء على تفعال ، وإن كان باب المصادر أن يجيء على تفعال بالفتح كالترداد والتطواف ، ونظير تبيان في كسر تائه تلقاء .
وقد جوّز الزجاج فتحه في غير القرآن .
وقال ابن عطية : تبياناً اسم وليس بمصدر ، وهو قول أكثر النحاة .
وروى ثعلب عن الكوفيين ، والمبرد عن البصريين : أنه مصدر ولم يجيء على تفعال من المصادر إلا ضربان : تبيان وتلقاء .
قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : كيف كان القرآن تبياناً لكل شيء ؟ ( قلت ) : المعنى أنه بين كل شيء من أمور الدين حيث كان نصاً على بعضها وإحالة على السنة ، حيث أمر فيه باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته .
وقيل : { وما ينطق عن الهوى } وحثاً على الإجماع في قوله { ويتبع غير سبيل المؤمنين } وقد رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته اتباع أصحابه ، والاقتداء بآثارهم في قوله : « أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » وقد اجتهدوا ، وقاسوا ، ووطئوا طرق القياس والاجتهاد ، فكانت السنة والإجماع والقياس والاجتهاد مستندة إلى تبيين الكتاب ، فمن ثم كان تبياناً لكل شيء .
وقوله : وقد رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوله : اهتديتم ، لم يقل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو حديث موضوع لا يصح بوجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن حزم في رسالته في إبطال الرأي ، والقياس ، والاستحسان ، والتعليل ، والتقليد ما نصه : وهذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصلح قط ، وذكر إسناده إلى البزار صاحب المسند قال : سألتم عما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مما في أيدي العامة ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إنما مثل أصحابي كمثل النجوم أو كالنجوم ، بأيها اقتدوا اهتدوا .
وهذا كلام لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه عبد الرحيم بن زيد العمي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم ، لأن أهل العلم سكتوا عن الرواية لحديثه .
والكلام أيضاً منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت ، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الاختلاف بعده من أصحابه ، هذا نص كلام البزار .
قال ابن معين : عبد الرحيم بن زيد كذاب خبيث ليس بشيء .
وقال البخاري : هو متروك ، رواه أيضاً حمزة الجزري ، وحمزة هذا ساقط متروك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.