فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَوۡمَ نَبۡعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدًا عَلَيۡهِم مِّنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَجِئۡنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِينَ} (89)

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ } أي : نبياً يشهد عليهم { منْ أَنفُسِهِمْ } من جنسهم ، إتماماً للحجة وقطعاً للمعذرة ، وهذا تكرير لما سبق لقصد التأكيد والتهديد { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { شَهِيدًا على هَؤُلاء } أي : تشهد على هذه الأمم وتشهد لهم . وقيل : على أمتك ، وقد تقدّم مثل هذا في البقرة والنساء { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب } أي : القرآن . والجملة مستأنفة أو في محل نصب على الحال بتقدير قد { تِبْيَانًا لّكُلّ شَيء } أي : بياناً له ، والتاء : للمبالغة ، ونظيره من المصادر التلقاء ، ولم يأت غيرهما . ومثل هذه الآية قوله سبحانه : { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيء } [ الأنعام : 38 ] . ومعنى كونه { تبياناً لكلّ شيء } أن فيه البيان لكثير من الأحكام ، والإحالة فيما بقي منها على السنة ، وأمرهم باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم فيما يأتي به من الأحكام ، وطاعته كما في الآيات القرآنية الدالة على ذلك ، وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إني أوتيت القرآن ومثله معه ) { وهدى } للعباد { وَرَحْمَةً } لهم { وبشرى لِلْمُسْلِمِينَ } خاصة دون غيرهم ، أو يكون الهدى والرحمة والبشرى خاصة بهم ، لأنهم المنتفعون بذلك .

/خ90