مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَيَوۡمَ نَبۡعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدًا عَلَيۡهِم مِّنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَجِئۡنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِينَ} (89)

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنفُسِهِمْ } ، يعني : نبيهم ؛ لأنه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم . { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { شَهِيدًا على هَؤُلآءِ } ، على أمتك . { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَانًا } ، بليغاً { لّكُلِّ شَيءٍ } من أمور الدين . أما في الأحكام المنصوصة فظاهر ، وكذا فيما ثبت بالسنة أو بالإجماع أو بقول الصحابة أو بالقياس ؛ لأن مرجع الكل إلى الكتاب ، حيث أمرنا فيه باتباع رسوله عليه السلام وطاعته بقوله : { أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول } [ المائدة : 92 ] ، وحثنا على الإجماع فيه بقوله : { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤمنين } [ النساء : 115 ] ، وقد رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته باتباع أصحابه بقوله : « أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » ، وقد اجتهدوا وقاسوا ووطّئوا طرق الاجتهاد والقياس ، مع أنه أمرنا به بقوله : { فاعتبروا يا أولي الأبصار } [ الحشر : 2 ] ، فكانت السنة والإجماع وقول الصحابي والقياس مستندة إلى تبيان الكتاب ، فتبين أنه كان تبياناً لكل شيء ، { وَهُدًى وَرَحْمَةً وبشرى لِلْمُسْلِمِينَ } ، ودلالة إلى الحق ، ورحمة لهم ، وبشارة لهم بالجنة .