ثم شرف نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله : { وجئنا بك شهيداً على هؤلاء } ، أي : على أمتك . . ولا ريب أن في تخصيصه بعد التعميم ، دلالة على فضله ، نظيره : قوله في سورة النساء : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } [ النساء : 41 ] ، قال الإمام فخر الدين الرازي . الأمة عبارة عن القرن والجماعة ، فيعلم من الآية أنه لا بد في كل عصر من أقوام تقوم الحجة بقولهم ، ويكونون شهداء على غيرهم ، وهم أهل الحل والعقد ، فيكون إجماعهم حجة . ولقائل أن يقول : الأمة في الآية : هي الجماعة الذين بعث النبي إليهم ، وإلى من سيوجد منهم إلى آخر زمان دينه ، فيكون نبي تلك الأمة وحده شهيداً عليهم . ولا دلالة للآية إلا على هذا القدر ، فمن أين حل لك أن إجماع أهل الحل والعقد في كل عصر حجة ؟ ثم بين أنه أزاح علتهم فيما كلفوا فيه ، فلا حجة لهم ولا معذرة ، فقال : { ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء } ، أي : بياناً له ، والتاء للمبالغة ، ونظيره من المصادر " التلقاء " ، ولم يأت غيرهما ، وقد مر في " الأعراف " . قال الفقهاء . إنما كان القرآن بيان جميع الأحكام ؛ لأن الأحكام المستنبطة من السنة والإجماع والقياس والاجتهاد ، كلها تستند إلى الكتاب ، حيث أمر فيه باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته ، وورد فيه : { ويتبع غير سبيل المؤمنين } [ النساء : 115 ] ، وجاء { فاعتبروا } [ الحشر : 2 ] .
وقال آخرون : إن علم أصول الدين كلها في القرآن . وأما علم الفروع : فالأصل براءة الذمة ، إلا ما ورد به نص القرآن ، فإذن القرآن وافٍ ببيان جميع الأحكام ، والقياس شائع ، ولعل التبيان إنما هو للعلماء خاصة ، والهدى لجميع الخلق في أوّل أحوالهم ، والرحمة في وسطه ، وهو مدة العمر بعد الإسلام ، والبشرى في أوان الأجل كما قال سبحانه : { إن الذين قالوا ربنا الله } [ فصلت : 30 ] ، إلى قوله : { وأبشروا } [ فصلت : 30 ] ، والله أعلم بمراده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.