البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَئِن شِئۡنَا لَنَذۡهَبَنَّ بِٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِۦ عَلَيۡنَا وَكِيلًا} (86)

وروي لا تقوم الساعة حتى يرتفع القرآن والحديث وفي حديث ابن مسعود يسري به في ليلة فيذهب بما في المصاحف وبما في القلوب ، ثم قرأ عبد الله { ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك } .

وقال صاحب التحرير : ويحتمل عندي في تأويل الآية وجه غير ما ذكر وهو أنه صلى الله عليه وسلم لما أبطأ عليه الوحي لما سُئل عن الروح شق ذلك عليه وبلغ منه الغاية ، فأنزل الله تعالى تهذيباً له هذه الآية .

ويكون التقدير أيعز عليك تأخر الوحي فإنّا لو شئنا ذهبنا بما { أوحينا إليك } جميعه فسكت النبي صلى الله عليه وسلم وطاب قلبه ولزم الأدب انتهى .

والباء في { لنذهبن بالذي } للتعدية كالهمزة وتقدم الكلام على ذلك في قوله { لذهب بسمعهم } في أوائل سورة البقرة .

والكفيل هنا قيل من يحفظ ما أوحينا إليك .

وقيل كفيلاً بإعادته إلى الصدور .

وقيل كفيلاً يضمن لك أن يؤتيك ما أخذ منك .

وقال الزمخشري : والمعنى إن شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه عن الصدور والمصاحف ولم نترك له أثراً وبقيت كما كنت لا تدري ما الكتاب ثم لا تجد لك بهذا الذهاب من يتوكل علينا باسترداده وإعادته محفوظاً مسطوراً