اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَئِن شِئۡنَا لَنَذۡهَبَنَّ بِٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِۦ عَلَيۡنَا وَكِيلًا} (86)

قوله تعالى : { وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بالذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } الآية .

لما ذكر أنَّه ما آتاهم من العلم إلاَّ قليلاً ، قال ها هنا : إنه لو شاء أن يأخذ منهم ذلك القليل ، لقدر عليه ، وذلك بأن يمحو حفظه من القلوب ، وكتابته من الكتب ، والمراد بالذي أوحينا إليك القرآن .

واحتج الكعبي{[20700]} بهذه الآية الكريمة بأنَّ القرآن مخلوقٌ ؛ فقال : الذي يقدر على إزالته والذَّهاب به يستحيل أن يكون قديماً ، بل يجب أن يكون محدثاً .

وأجيب بأن يكون المراد بهذا الإذهاب إزالة العلم به عن القلوب ، وإزالة النَّقش الدَّال عليه من المصحف ؛ وذلك لا يوجبُ كون ذلك المصكوكِ المدلول محدثاً .

فصل في كيفية رفع القرآن آخر الزمان

قال عبد الله بن مسعود{[20701]} : اقرءوا القرآن قبل أن يرفع ؛ فإنَّه لا تقوم الساعة حتَّى يرفع ، قيل : هذه المصاحف ترفع ، فكيف بما في صدور النَّاس ؟ قال : يسري عليه ليلاً ، فيرفع ما في صدورهم ، فيصبحون لا يحفظون شيئاً ، ولا يجدون في المصاحف شيئاً ، ثم يفيضون في الشِّعر .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص{[20702]} ، قال : لا تقوم السَّاعة حتَّى يرفع القرآن من حيثُ نزل ، لهُ دويٌّ حول العرشِ ، كدويِّ النَّحلِ ؛ فيقول الربُّ : ما لك ؟ فيقول : يا ربِّ ، أتلى ، ولا يعمل بي .

ثم قال : { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً } أي : لا تجدُ من تتوكَّل عليه في ردِّ شيءٍ منه .


[20700]:ينظر: الفخر الرازي 21/45.
[20701]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/144) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/363) وعزاه إلى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والطبراني وابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان".
[20702]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/364) وعزاه إلى محمد بن نصر في "كتاب الصلاة". وذكره البغوي في "تفسيره" (3/135).