ولما أمره تعالى بإقامة الصلاة والتهجد ووعده بعثه { مقاماً محموداً } وذلك في الآخرة أمره بأن يدعوه بما يشمل أموره الدنيوية والأخروية ، فقال { وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق } والظاهر أنه عام في جميع موارده ومصادره دنيوية وأخروية ، والصدق هنا لفظ يقتضي رفع المذام واستيعاب المدح كما تقول : رجل صدق إذ هو مقابل رجل سوء .
وقال ابن عباس والحسن وقتادة : هو إدخال خاص وهو في المدينة ، وإخراج خاص وهو من مكة .
فيكون المقدم في الذكر هو المؤخر في الوقوع ، ومكان الواو هو الأهم فبدئ به .
وقال مجاهد وأبو صالح : ما معناه إدخاله فيما حمله من أعباء النبوة وأداء الشرع وإخراجه منه مؤدّياً لما كلفه من غير تفريط .
وقال الزمخشري : أدخلني القبر { مدخل صدق } إدخالاً مرضياً على طهارة وطيب من السيئات ، وأخرجني منه عند البعث إخراجاً مرضياً ملقى بالكرامة آمناً من السخط ، يدل عليه ذكره على ذكر البعث .
وقيل : إدخاله مكة ظاهراً عليها بالفتح ، وإخراجه منها آمناً من المشركين .
وقال محمد بن المنكدر : إدخاله الغار وإخراجه منه سالماً .
وقيل : الإخراج من المدينة والإدخال مكة بالفتح .
وقيل : الإدخال في الصلاة والإخراج منها .
وقيل : الإدخال في الجنة والإخراج من مكة .
وقيل : الإدخال فيما أمر به والإخراج مما نهاه عنه .
وقيل : { أدخلني } في بحار دلائل التوحيد والتنزيه ، { وأخرجني } من الاشتغال بالدليل إلى معرفة المدلول والتأمل في آثار محدثاته إلى الاستغراق في معرفة الأحد الفرد .
وقال أبو سهل : حين رجع من تبوك وقد قال المنافقون : { ليخرجنّ الأعز منها الأذل } يعني إدخال عز وإخراج نصر إلى مكة ، والأحسن في هذه الأقوال أن تكون على سبيل التمثيل لا التعيين ، ويكون اللفظ كما ذكرناه يتناول جميع الموارد والمصادر .
وقرأ الجمهور : { مدخل } و { مخرج } بضم ميمهما وهو جار قياساً على أفعل مصدر ، نحو أكرمته مكرماً أي إكراماً .
وقرأ قتادة وأبو حيوة وحميد وإبراهيم بن أبي عبلة بفتحهما .
وقال صاحب اللوامح : وهما مصدران من دخل وخرج لكنه جاء من معنى { أدخلني } { وأخرجني } المتقدمين دون لفظهما ومثلهما { أنبتكم من الأرض نباتاً } ويجوز أن يكونا اسم المكان وانتصابهما على الظرف ، وقال غيره : منصوبان مصدرين على تقدير فعل أي { أدخلني } فأدخل { مدخل صدق } { وأخرجني } فأخرج { مخرج صدق } .
والسلطان هنا قال الحسن : التسليط على الكافرين بالسيف ، وعلى المنافقين بإقامة الحدود .
وقال قتادة : ملكاً عزيزاً تنصرني به على كل من ناواني .
وقيل : كتاباً يحوي الحدود والأحكام .
وقيل : في كل عصر { سلطاناً } ينصرك دينك و { نصيراً } مبالغة في ناصر .
وقيل : فعيل بمعنى مفعول ، أي منصوراً ، وهذه الأقوال كلها محتملة لقوله { سلطاناً نصيراً } وروي أنه تعالى وعده ذلك وأنجزه له في حياته وتممه بعد وفاته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.