و { قيماً } تأكيد لإثبات الاستقامة إن كان مدلوله مستقيماً وهو قول ابن عباس والضحاك .
وقيل : { قيماً } بمصالح العباد وشرائع دينهم وأمور معاشهم ومعادهم .
وقيل : { قيماً } على سائر الكتب بتصديقها .
واختلفوا في هذه الجملة المنفية ، فزعم الزمخشري أنها معطوفة على { أنزل } فهي داخلة في الصلة ، ورتب على هذا أن الأحسن في انتصاب { قيماً } أن ينتصب بفعل مضمر ولا يجعل حالاً من { الكتاب } لما يلزم من ذلك وهو الفصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة ، وقدره جعله { قيماً } .
وقال ابن عطية : { قيماً } نصب على الحال من { الكتاب } فهو بمعنى التقديم مؤخر في اللفظ ، أي أنزل الكتاب { قيماً } واعترض بين الحال وذي الحال قوله { ولم يجعل له عوجاً } ذكره الطبري عن ابن عباس ، ويجوز أن يكون منصوباً بفعل مضمر تقديره أنزله أو جعله { قيماً } .
أما إذا قلنا بأن الجملة المنفية اعتراض فهو جائز ، ويفصل بجمل للاعتراض بين الحال وصاحبها .
وقال العسكري : في الآية تقديم وتأخير كأنه قال : احمدوا الله على إنزال القرآن { قيماً } لا عوج فيه ، ومن عادة البلغاء أن يقدّموا الأهم .
وقال أبو عبد الله الرازي : { ولم يجعل له عوجاً } يدل على كونه مكملاً في ذاته .
وقوله قيماً يدل على كونه مكملاً بغيره ، فثبت بالبرهان العقلي أن الترتيب الصحيح هو الذي ذكره الله ، وأن ما ذكروه من التقديم والتأخير فاسد يمتنع العقل من الذهاب إليه .
وقال الكرماني : إذ جعلته حالاً وهو الأظهر فليس فيه تقديم ولا تأخير ، والصحيح أنهما حالان من { الكتاب } الأولى جملة والثانية مفرد انتهى .
وهذا على مذهب من يجوز وقوع حالين من ذي حال واحد بغير عطف ، وكثير من أصحابنا على منع ذلك انتهى .
واختاره الأصبهاني وقال : هما حالان متواليان والتقدير غير جاعل له { عوجاً قيماً } وقال صاحب حل العقد : يمكن أن يكون قوله قيماً بدلاً من قوله { ولم يجعل له عوجاً } أي جعله مستقيماً { قيماً } انتهى .
ويكون بدل مفرد من جملة كما قالوا في عرفت زيداً أبو من أنه بدل جملة من مفرد وفيه خلاف .
وقيل : { قيماً } حال من الهاء المجرورة في { ولم يجعل له } مؤكدة .
وقيل : منتقلة ، والظاهر أن الضمير في { له } عائد على { الكتاب } وعليه التخاريج الإعرابية السابقة .
وزعم قوم أن الضمير في { له } عائد على { عبده } والتقدير { على عبده } وجعله { قيماً } .
وحفص يسكت على قوله { عوجاً } سكتة خفيفة ثم يقول { قيماً } .
وفي بعض مصاحف الصحابة { ولم يجعل له عوجاً } لكن جعله قيماً ويحمل ذلك على تفسير المعنى لا أنها قراءة .
وأنذر يتعدى لمفعولين قال { إنا أنذرناكم عذاباً قريباً } وحذف هنا المفعول الأول وصرح بالمنذر به لأنه هو الغرض المسوق إليه فاقتصر عليه ، ثم صرح بالمنذر في قوله حين كرر الإنذار فقال : { وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً } فحذف المنذر أولاً لدلالة الثاني عليه ، وحذف المنذر به لدلالة الأول عليه ، وهذا من بديع الحذف وجليل الفصاحة ، ولما لم يكرر البشارة أتى بالمبشر والمبشر به ، والظاهر أن { لينذر } متعلقة بأنزل .
وقال الحوفي : تتعلق بقيماً ، ومفعول لينذر المحذوف قدره ابن عطية { لينذر } العالم ، وأبو البقاء { لينذر } العباد أو لينذركم .
والزمخشري قدره خاصاً قال : وأصله { لينذر } الذين كفروا { بأساً شديداً } ، والبأس من قوله { بعذاب بئيس } وقد بؤس العذاب وبؤس الرجل بأساً وبأسة انتهى .
وكأنه راعي في تعيين المحذوف مقابله وهو { ويبشر المؤمنين الذين } والبأس الشديد عذاب الآخرة ويحتمل أن يندرج فيه ما يلحقهم من عذاب الدنيا .
ومعنى من { لدنه } صادر من عنده .
وقرأ أبو بكر بسكون الدال وإشمامها الضم وكسر النون ، وتقدّم الكلام عليها في أول هود .
وقرئ { ويبشر } بالرفع والجمهور بالنصب عطفاً على { لينذر } والأجر الحسن الجنة ، ولما كنى عن الجنة بقوله { أجراً حسناً }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.