والظاهر أن الضمير في { جاءها } عائد على النار ، وقيل : على الشجرة ، وكان قد رآها في شجرة سمر خضراء .
وقيل : عليق ، وهي لا تحرقها ، كلما قرب منها بعدت .
و { نودي } المفعول الذي لم يسم فاعله ، الظاهر أنه ضمير عائد على موسى عليه السلام .
و { أن } على هذا يجوز أن تكون مفسرة لوجود شرط المفسرة فيها ، ويجوز أن تكون مصدرية .
أما الثنائية التي تنصب المضارع ، وبورك صلة لها ، والأصل حرف الجر ، أي بأن بورك ، وبورك خبر .
وأما المخففة من الثقيلة فأصلها حرف الجر .
وقال الزمخشري : فإن قلت : هل يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة ، وتقديره بأنه بورك ، والضمير ضمير الشأن والقصة ؟ قلت : لا ، لأنه لا بد من قد .
فإن قلت : فعلى إضمارها ؟ قلت : لا يصح ، لأنها علامة ولا تحذف . انتهى .
ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة ، وبورك فعل دعاء ، كما تقول : بارك الله فيك .
وإذا كان دعاء ، لم يجز دخول قد عليه ، فيكون كقوله تعالى :
{ والخامسة أن غضب الله عليها } في قراءة من جعله فعلاً ماضياً ، وكقول العرب : إما أن جزاك الله خيراً ، وإما أن يغفر الله لك ، وكان الزمخشري بنى ذلك على { أن بورك } خبر لا دعاء ، فلذلك لم يجز أن تكون مخففة من الثقيلة ، وأجاز الزجاج أن تكون { أن بورك } في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله ، وهو على إسقاط الخافض ، أي نودي بأن بورك ، كما تقول : نودي بالرخص .
ويجوز أن تكون أن الثنائية ، أو المخففة من الثقيلة ، فيكون بورك دعاء .
وقيل : المفعول الذي لم يسم فاعله هو ضمير النداء ، أي نودي هو ، أي النداء ، ثم فسر بما بعده .
وبورك معناه : قدّس وطهر وزيد خيره ، ويقال : باركك الله ، وبارك فيك ، وبارك عليك ، وبارك لك .
فبوركت مولوداً وبوركت ناشئاً *** وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيب
بورك الميت الغريب كما *** بورك نبع الرمان والزيتون
فبورك في بنيك وفي بنيهم *** إذا ذكروا ونحن لك الفداء
و { من } : المشهور أنها لمن يعلم ، فقال ابن عباس ، وابن جبير ، والحسن وغيرهم : أراد تعالى بمن في النار ذاته ، وعبر بعضهم بعبارات شنيعة مردودة بالنسبة إلى الله تعالى .
وإذا ثبت ذلك عن ابن عباس ومن ذكر أول على حذف ، أي بورك من قدرته وسلطانه في النار .
وقيل لموسى عليه السلام : أي بورك من في المكان أو الجهة التي لاح له فيه النار .
وقال السدّي : من للملائكة الموكلين بها .
وقيل : من تقع هنا على ما لا يعقل .
وقيل : الشجرة التي تتقد فيها النار .
وقيل : والظاهر في { ومن حولها } أنه لمن يعلم تفسير { يا موسى } ، وفسر بالملائكة ، ويدل عليه قراءة أبي ؛ فيما نقل أبو عمرو الداني : وابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ؛ ومن حولها من الملائكة ، وتحمل هذه القراءة على التفسير ، لأنها مخالفة لسواد المصحف المجمع عليه ، وفسر أيضاً بموسى والملائكة عليهم السلام معاً .
وقيل : تكون لما لا يعقل ، وفسر بالأمكنة التي حول النار ؛ وجدير أن يبارك من فيها ومن حواليها إذا حدث أمر عظيم ، وهو تكليم الله لموسى عليه السلام ؛ وتنبيئه وبدؤه بالنداء بالبركة تبشير لموسى وتأنيس له ومقدمة لمناجاته .
والظاهر أن قوله : { وسبحان الله رب العالمين } داخل تحت قوله : { نودي } .
أي لما نودي ببركة من ذكر ، نودي أيضاً بما يدل على التنزيه والبراءة من صفات المحدثين مما عسى أن يخطر ببال ، ولا سيما إن حمل من في النار على تفسير ابن عباس أن من أريد به الله تعالى ، فإن ذلك دال على التحيز ، فأتى بما يقتضي التنزيه .
وقال السدّي : هو من كلام موسى ، لما سمع النداء قال : { وسبحان الله رب العالمين } تنزيهاً لله تعالى عن سمات المحدثين .
وقال ابن شجرة : هو من كلام الله ، ومعناه : وبورك من سبح الله ، وهذا بعيد من دلالة اللفظ .
وقيل : { وسبحان الله رب العالمين } خطاب لمحمد عليه لصلاة والسلام ، وهو اعتراض بين الكلامين ، والمقصود به التنزيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.