وقال الزمخشري : فإن قلت : علام عطف قوله : { وألق عصاك } ؟ قلت : على بورك ، لأن المعنى : { نودي أن بورك من في النار } .
وقيل له : ألق عصاك ، والدليل على ذلك قوله : { وأن ألق عصاك } بعد قوله : { أن يا موسى إني أنا الله } على تكرير حرف التفسير ، كما تقول : كتبت إليه أن حج واعتمر ، وإن شئت أن حج وأن اعتمر . انتهى .
وقوله : { إنه } ، معطوف على بورك مناف لتقديره .
وقيل له : ألق عصاك ، لأن هذه جملة معطوفة على بورك ، وليس جزؤها الذي هو .
وقيل : معطوفاً على بورك ، وإنما احتيج إلى تقدير .
وقيل له : ألق عصاك ، لتكون الجملة خبرية مناسبة للجملة الخبرية التي عطفت عليها ، كأنه يرى في العطف تناسب المتعاطفين ، والصحيح أنه لا يشترط ذلك ، بل قوله : { وألق عصاك } معطوف على قوله : { إنه أنا العزيز الحكيم } ، عطف جملة الأمر على جملة الخبر .
وقد أجاز سيبويه : جاء زيد ومن عمرو .
{ فلما رآها تهتز } : ثم محذوف تقديره : فألقاها من يده .
وقرأ الحسن ، والزهري ، وعمرو بن عبيد : جأن ، بهمزة مكان الألف ، كأنه فر من التقاء الساكنين ؛ وقد تقدم الكلام في نحو ذلك في قوله : ولا الضألين ، بالهمز في قراءة عمرو بن عبيد .
وجاء : { فإذا هي حية } { فإذا هي ثعبان مبين } وهذا إخبار من الله بانقلابها وتغيير أوصافها وإعراضها ، وليس إعداماً لذاتها وخلقها لحية وثعبان ، بل ذلك من تغيير الصفات لا تغيير الذات .
وهنا شبهها حالة اهتزازها بالجان ، فقيل : وهو صغار الحيات ، شبهها بها في سرعة اضطرابها وحركتها ، مع عظم جثتها .
ولما رأى موسى هذا الأمر الهائل ، { ولى مدبراً ولم يعقب } .
وقال قتادة : ولم يلتفت ، يقال : عقب الرجل : توجه إلى شيء كان ولى عنه ، كأنه انصرف على عقبيه ، ومنه : عقب المقاتل ، إذا كر بعد الفرار .
فما عقبوا إذ قيل هل من معقب *** ولا نزلوا يوم الكريهة منزلا
ولحقه ما لحق طبع البشرية إذا رأى الإنسان أمراً هائلاً جداً ، وهو رؤية انقلاب العصا حية تسعى ، ولم يتقدمه في ذلك تطمين إليه عند رؤيتها .
قال الزمخشري : وإنما رغب لظنه أن ذلك لأمرٍ أريد به ، ويدل عليه : { إني لا يخاف لديّ المرسلون } . انتهى .
وقال ابن عطية : وناداه الله تعالى مؤنساً ومقوياً على الأمر : { يا موسى لا تخف } ، فإن رسلي الذين اصطفيتم للنبوة لا يخافون غيري .
فأخذ موسى عليه السلام الحية ، فرجعت عصا ، ثم صارت له عادة . انتهى .
وقيل : المعنى لا يخاف المرسلون في الموضع الذي يوحى إليهم فيه ، وهم أخوف الناس من الله .
وقيل : إذا أمرتهم بإظهار معجز ، فينبغي أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك ، فالمرسل يخاف الله لا محالة . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.