{ فأقم وجهك للدين } : فقوم وجهك له وعدله غير ملتفت ، وهو تمثيل لإقباله على الدين واستقامته عليه وثباته واهتمامه بأسبابه .
فإن من اهتم بالشيء ، عقد عليه طرفه وقوم له وجهه مقبلاً به عليه ، والدين دين الإسلام .
وذكر الوجه ، لأنه جامع حواس الإنسان وأشرفه .
و { حنيفاً } : حال من الضمير في أقم ، أو من الوجه ، أو من الدين ، ومعناه : مائلاً عن الأديان المحرفة المنسوخة .
{ فطرة الله } : منصوب على المصدر ، كقوله : { صبغه الله } وقيل : منصوب بإضمار فعل تقديره : التزم فطرة الله .
وقال الزمخشري : الزموا فطرة الله ، أو عليكم فطرة الله .
وقول الزمخشري : أو عليكم فطرة الله لا يجوز ، لأن فيه حذف كلمة الإغراء ، ولا يجوز حذفها ، لأنه قد حذف الفعل وعوض عليك منه .
فلو جاء حذفه لكان إجحافاً ، إذ فيه حذف العوض والمعوض منه .
والفطرة ، قيل : دين الإسلام ، والناس مخصوصون بالمؤمنين .
وقيل : العهد الذي أخذه الله على ذرية آدم حين أخرجهم نسماً من ظهره ورجح الحذاق .
إنها القابلية التي في الطفل للنظر في مصنوعات الله ، والاستدلال بها على موجده ، فيؤمن به ويتبع شرائعه ، لكن قد تعرض له عوارض تصرفه عن ذلك ، كتهويد أبويه له ، وتنصيرهما ، إغواء شياطين الإنس والجن .
{ لا تبديل لخلق الله } : أي لا تبديل لهذه القابلية من جهة الخالق .
وقال مجاهد ، وابن جبير ، والضحاك ، والنخعي ، وابن زيد : لا تبديل لدين الله ، والمعنى : لمعتقدات الأديان ، إذ هي متفقة في ذلك .
وقال الزمخشري : أي ما ينبغي أن تبدل تلك الفطرة أو تغير .
وقال ابن عباس : لا تبديل لقضاء الله بسعادتهم وشقاوتهم ، وقيل : هو نفي معناه : النهي ، أي لا تبدلوا ذلك الدين .
وقيل : { لا تبديل لخلق الله } بمعنى : الواحدانية مترشحة فيه ، لا تغير لها ، حتى لو سألته : من خلق السموات والأرض ؟ تقول : الله .
ويستغرب ما روي عن ابن عباس أن معنى { لا تبديل لخلق الله } : النهي عن خصاء الفحول من الحيوان .
وقول من ذهب إلى أن المعنى في هذه الجملة ألجأ على الكفرة ، اعترض به أثناء الكلام ، كأنه يقول : أقم وجهك للدين الذي من صفته كذا وكذا ، فإن هؤلاء الكفرة ومن خلق الله لهم الكفر ، و { لا تبديل لخلق الله } : أي أنهم لا يفلحون ذلك الذي أمرت بإقامة وجهك له ، هو الدين المبالغ في الاستقامة .
والقيم : بياء مبالغة ، من القيام ، بمعنى الاستقامة ، ووزنه فعيل ، أصله قيوم كيد ، اجتمعت الياء والواو ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء فيها ، وهو بناء مختص بالمعتل العين ، لم يجىء منه في الصحيح إلا بيئس وصيقل علم لامرأة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.