{ فاصبر } : أي يا رسولنا محمد على أذى قومك .
{ أولوا العزم } : أي أصحاب الحزم والصبر والعزم وهم نوح إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم أجمعين وسلم وهم أصحاب الشرائع .
{ ولا تستعجل لهم } : أي ولا تستعجل نزول العذاب لأجلهم .
{ كأنهم يوم يرون العذاب } : أي في الآخرة .
{ لم يلبثوا إلا ساعة } : أي لم يقيموا في الدنيا إلا ساعة من نهار وذلك لطول العذاب .
{ بلاغ } : أي هذا القرآن بلاغ للناس أي تبليغ لهم .
{ هل يهلك إلا القوم الفاسقون } : أي ما يهلك إلا القوم التاركون لأمر الله المعرضون عنه الخارجون عن طاعته .
ثم أمر تعالى رسوله أن يتدرَّع بالصبر وأن يتمثل صبر أولي العزم ليكون أقوى منهم صبراً كما هو أعلى منهم درجة فقال له فاصبر يا رسولنا لي ما تلاقي من أذى قومك من تكذيب وأذى فاثبت لذلك كما ثبت أولوا العزم من قبلك ، والظاهر أنهم المذكورون في قوله تعالى في سورة الأحزاب { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم } ومن الجائز أن يكون عدد أولي العزم أكثر من مما ذُكر وقوله تعالى { ولا تستعجل لهم } لما أمره بالصبر نهاه عن استعجال العذاب لقومه فقال فاصبر ولا تستعجل العذاب لهم . { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } تعليل لعدم استعجال العذاب لأنه قريب جداً حتى إنهم يوم ينزل بهم ويرونه كأنهم لم يلبثوا في الدنيا على طول الحياة فيها إلا ساعة من نهار وقوله تعالى { بلاغ } أي هذا القرآن وما حواه من تعليم وبيان للهدى تبليغ للناس وقوله { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } ينفي تعالى هلاك غير الفاسقين عن أوامره الخارجين عن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
- وجوب الصبر على الطاعات فعلا ، وعن المعاصي تركا ، وعلى البلاء بعدم التّضجُّروا والسّخط .
- إطلاق الفسق على الكفر باعتباره خروجا عن طاعة الله فيما يأمر به من العقائد والعبادات وينهى عنه من الشرك والمعاصي .
قوله : { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } ذلك أمر من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالتأسي بإخوانه المرسلين الذين احتملوا المكاره والشدائد وصبروا على مساءات أقوامهم وشرورهم . وخص منهم أرباب الثبات والبأس وقوة الاحتمال وهم أولو العزم ، أي الحزم والصبر والثبات ، وهم على الراجح خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام .
قوله : { ولا تستعجل لهم } أي بالدعاء عليهم أن يحيق بهم العذاب بل اصبر واحتمل كما صبر المرسلون المقربون أولو الجد والهمم العالية ، فعسى أن يؤمنوا فتنشأ عنهم أمم وأجيال على منهج الله وعقيدة الإسلام .
قوله : { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } إذا عاين الخاسرون النار وأيقنوا أنها مستقرهم ومأواهم أحسوا حينئذ كأنهم لم يلبثوا في دنياهم غير ساعة من ساعات النهار { بلاغ } مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف وتقديره : هذا بلاغ . ويجوز النصب على أنه مصدر{[4221]} يعني هذا الذي وعظتم به فيه كفاية لكم من الذكرى .
قوله : { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } أي هل يهلك إلا الخارجون عن أمر الله أو عن الاتعاظ بهذا البلاغ والعمل بمقتضاه . وبذلك لا يهلك بعذاب الله إلا الضالون الخارجون عن طاعة ربهم . وقيل : لا يهلك على الله إلا هالك . وقيل : هذه الآية أقوى آية في الرجاء{[4222]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.