أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ} (21)

شرح الكلمات :

{ والذين آمنوا } : أي حق الإِيمان المستلزم للإِسلام والإِحسان .

{ واتبعتهم ذريتهم بإيمان } : أي كامل مستوفٍ لشرائطه ومنها الإِسلام .

{ ألحقنا بهم ذريَّتَهُم } : أي وإن لم يعملوا عملهم بل قصروا في ذلك .

{ وما ألتناهم من عملهم من شيء } : أي وما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئاً .

{ كل امرئ بما كسب رهين } : أي كل إنسان مرهون أي محبوس بكسبه الباطل .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في ذكر أفضال الله تعالى وإنعامه على أوليائه في الجنة إذ قال تعالى : { والذين آمنوا } أي حق الإِيمان الذي هو عقد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان واتبعتهم ذريتهم بإيمان كامل صحيح إلا أنهم لم يبلغوا من الأعمال الصالحة ما بلغه آباؤهم ألحقنا بهم ذريتهم لتقر بذلك أعينهم وتعظم مسرتهم وتكمل سعادتهم باجتماعهم مع ذريتهم . وقوله تعالى : { وما ألتناهم من عملهم من شيء } أي وما نقصنا الآباء من عملهم الصالح من شيء بل وفيناهموه كاملاً غير منقوص ورفعنا إليه أبناءهم بفضلٍ منا ورحمة . وقوله تعالى : { كل امرئ بما كسب رهين } إخبار منه تعالى أن كل نفس عنده يوم القيامة مرتهنة بعملها تجزى به إلا أنه تعالى تفضل على أولئك الآباء فرفع الى درجاتهم أبناءهم تفضيلا وإحسانا .

الهداية

من الهداية :

- وصف كامل لأهل الجنة وهو تقرير في نفس الوقت للبعث والجزاء ما يكون فيه .

- فضل الإِيمان وكرامة أهله عند الله بإلحاق الأبناء قليل العمل الصالح بآبائهم الكثيري العمل الصالح .

- تقرير قاعدة أن المرء يوم القيامة يكون رهين كسبه لا يفكه إلا الله عز وجل فمن استطاع أن يفك رقبته فليفعل وذلك بالإِيمان والإِسلام والإِحسان .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ} (21)

قوله تعالى : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين 21 وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون 22 يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم 23 ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون 24 وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون 25 قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين 26 فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم 27 إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم } .

يبين الله حال أهل السعادة في الجنة وهو يتقلبون في النعيم والخيرات والبركة ، فضلا عما يغشى قلوبهم من البهجة والسرور والأمن . ويكتمل ذلك إذا لحقت بهم ذرياتهم لتقر بهم عيونهم فكانوا جميعا سعداء منعمين في الجنة . لا جرم أن هذه السعادة المثلى والفوز الكامل المبين .

قوله : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } هذه رحمة من الله بعباده المؤمنين ، إذ يدخلهم الجنة ويلحق بهم ذريتهم من الأولاد والنسل المؤمنين ، وإن كان دونهم في مراتب الإيمان والعمل الصالح ، وذلك لتكتمل بهجتهم وسعادتهم وتقر بهم عيونهم . وفي ذلك روي عن ابن عباس قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه . وفي رواية عنه في تأويل الآية قال : هم ذرية المؤمن يموتون على الإيمان فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوها شيئا وهو قوله جل وعلا : { وما ألتناهم من عملهم من شيء } يعني ألحق الله الذريات بآبائهم في الجنة ولم ينقص الآباء شيئا من أعمالهم . وهذا فضل الله على الأبناء ببركة عمل آبائهم . أما فضل الله على الآباء ببركة دعاء أبنائهم فهو ظاهر ومعروف . وفي ذلك روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " .

قوله : { كل امرئ بما كسب رهين } يعني لا يؤاخذ الله أحدا بذنب غيره بل كل واحد مؤاخذ بذنب نفسه ومرتهن بعمله الذي عمله من خير وشر .