أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

شرح الكلمات :

{ واذكر أخا عاد } : أي نبي الله هودا عليه السلام .

{ إذ أنذر قومه بالأحقاف } : أي خوف قومه عذاب الله بوادي الأحقاف .

{ وقد خلت النذر } : أي مضت الرسل .

{ من بين يديه ومن خلفه } : أي من قبله ومن بعده إلى أُممهم .

{ ألا تعبدون إلا الله } : أي أنذروهم بأن لا يعبدوا إلا الله .

{ إني أخاف عليكم } : أي إن عبدتم غير الله .

{ عذاب يوم عظيم } : أي هائل بسبب شرككم بالله وكفركم برسالتي .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في مطلب هداية قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى { واذكر } أي لقومك للعبرة والاتعاظ { أخا عاد } وهو هود عليه السلام والأخوة هنا أخوة نسب لا دين . اذكره { إذ أنذر قومه بالأحقاف } إذ خوفهم عذاب الله إن لم يتوبوا إلى الله ويوحدوه ، والأحقاف وادي القوم الذي به مزارعهم ومنازلهم وهو ما بين حضرموت ومهرت وعُمان جنوب الجزيرة العربية . وقوله { وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه } أي وقد مضت الرسل من قبله ومن بعده في أممهم . أي لم يكن هود أول نذير ، ولا أمته أول أمة أنذرت العذاب وقوله { ألاَّ تعبدوا إلا الله } أي كل رسول أنذر أمته عاقبة الشرك فأمرهم أن لا يعبدوا إلا الله ، وهو معنى لا إله إلا الله التي دعا إليها محمد صلى الله عليه وسلم أمته فهي أمر بعبادة الله وترك الشرك فيها ، وقوله { إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } يوم هائل عظيم وهو يوم القيامة ، فكان رد القوم ما أخبر تعالى به في قوله { قالوا أجئتنا لتأفكنا } .

الهداية :

من الهداية :

- بيان سنة الله في الأمم في إرسال الرسل إليهم .

- وبيان مهمة الرسل وهي النذارة والبلاغ .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

قوله تعالى : { واذكر أخا عاد } يعني هوداً . { إذ أنذر قومه بالأحقاف } قال ابن عباس : الأحقاف : واد بين عمان ومهرة . وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بموضع يقال له : مهرة ، وإليها تنسب الإبل المهرية ، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم ، وكانوا من قبيلة إرم . قال قتادة : ذكر لنا أن عاداً كانوا أحياء باليمن ، وكانوا أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : الشحر . والأحقاف جمع حقف ، وهي المستطيل المعوج من الرمال . قال ابن زيد هي ما استطال من الرمل كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلاً ، قال الكسائي : هي ما استدار من الرمال ، { وقد خلت النذر } مضت الرسل ، { من بين يديه } أي من قبل هود ، { ومن خلفه } إلى قومهم ، { ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم* }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

قوله تعالى : " واذكر أخا عاد " هو هود بن عبد الله بن رباح عليه السلام ، كان أخاهم في النسب لا في الدين . " إذ أنذر قومه بالأحقاف " أي اذكر لهؤلاء المشركين قصة عاد ليعتبروا بها . وقيل : أمره بأن يتذكر في نفسه قصة هود ليقتدي به ، ويهون عليه تكذيب قومه له . والأحقاف : ديار عاد . وهي الرمال العظام ، في قول الخليل وغيره . وكانوا قهروا أهل الأرض بفضل قوتهم . والأحقاف جمع حقف ، وهو ما استطال من الرمل العظيم واعوَجَّ ولم يبلغ أن يكون جبلا ، والجمع حقاف وأحقاف وحقوف . واحقوقف الرمل والهلال أي اعوج . وقيل : الحقف جمع حقاف . والأحقاف جمع الجمع . ويقال : حِقف أحقف . قال الأعشى :

بات إلى أرطاة حِقف أحقفا{[13856]}

أي رمل مستطيل مشرف . والفعل منه احقوقف . قال العجاج :

طيّ الليالي زُلَفًا فزلفا *** سَمَاوَةَ الهلال حتى احقوقفا

أي انحنى واستدار . وقال امرؤ القيس :

كحِقف النقا{[13857]} يمشي الوليدَان فوقه *** بما احتسبا من لِين مَسٍّ وتَسْهَالِ

وفيما أريد بالأحقاف ها هنا مختلف فيه . فقال ابن زيد : هي رمال مشرفة مستطيلة كهيئة الجبال ، ولم تبلغ أن تكون جبالا ، وشاهده ما ذكرناه . وقال قتادة : هي جبال مشرفة بالشحر ، والشحر قريب من عدن ، يقال : شِحْر عمان وشَحْر عمان ، وهو ساحل البحر بين عمان وعدن . وعنه أيضا : ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن ، أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : الشحر . وقال مجاهد : هي أرض من حِسْمَى تسمى بالأحقاف . وحِسمى ( بكسر الحاء ) اسم أرض بالبادية فيها جبال شواهق ملس الجوانب لا يكاد القتام يفارقها . قال النابغة :

فأصبح عاقلا بجبال حِسْمَى *** دُقَاقَ التَّرب مُحْتَزَمَ القَتَامِ{[13858]}

قاله الجوهري . وقال ابن عباس والضحاك : الأحقاف جبل بالشام . وعن ابن عباس أيضا : واد بين عمان ومهرة . وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضر موت بواد يقال له مهرة ، وإليه تنسب الإبل{[13859]} المهرية ، فيقال : إبل مهرية ومهاري . وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج{[13860]} العود رجعوا إلى منازلهم ، وكانوا من قبيلة إرم . وقال الكلبي : أحقاف الجبل ما نضب عنه الماء زمان الغرف ، كان ينضب الماء من الأرض ويبقى أثره . وروى الطفيل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : خير واديين في الناس واد بمكة وواد نزل به آدم بأرض الهند . وشر واديين في الناس واد بالأحقاف وواد بحضر موت يدعى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار . وخير بئر في الناس بئر زمزم . وشر بئر في الناس بئر برهوت ، وهو في ذلك الوادي الذي بحضر موت . " وقد خلت النذر " أي مضت الرسل . " من بين يديه " أي من قبل هود . " ومن خلفه " أي ومن بعده ، قال الفراء . وفي قراءة ابن مسعود " من بين يديه ومن بعده " . " ألا تعبدوا إلا الله " هذا من قول المرسل ، فهو كلام معترض . ثم قال هود : " إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " وقيل : " ألا تعبدوا إلا الله " من كلام هود ، والله أعلم .


[13856]:هذا الرجز نسبه الطبري في تفسيره إلى العجاج، ولم نعثر عليه في شعر الأعشى ولا في أراجيز العجاج والأرطاة: جمعه أرطى، وهو شجر من شجر الرمل.
[13857]:النقا: الكثيب من الرمل.
[13858]:قال ابن برِّي:" أي حسمى قد أحاط به القتام كالحزام له".
[13859]:في معجم البلدان لياقوت وكتب اللغة أن الإبل المهرية تنسب إلى مهرة بن حيدان أبو قبيلة.
[13860]:هاج البقل: إذا أخذ في اليبس.