فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

{ واذكر } يا محمد لقومك { أخا عاد } هو هود بن عبد الله بن رباح كان أخاهم في النسب لا في الدين { إذ أنذر قومه } أي وقت إنذاره إياهم { بالأحقاف } هي ديار عاد جمع حقف وهو الرمل العظيم المستطيل المعوج قاله الخليل وغيره ، وكانوا قهروا أهل الأرض بقوتهم والمعنى أن الله سبحانه أمره أن يذكر لقومه قصتهم ليتعظوا ويخافوا ويعتبروا بها ، وقيل أمره أن يتذكر في نفسه قصتهم مع هود ليقتدي به ويهون عليه تكذيب قومه له .

قال عطاء الأحقاف رمال بلاد الشحر والشحر قريب من عدن وفي القاموس الشحر كمنع فتح الفم وساحل البحر بين عمان وعدن ، وقال مقاتل : هي باليمن في حضرموت . وقال ابن زيد : هي رمال مبسوطة مستطيلة مشرفة على البحر كهيئة الجبال ، ولم تبلغ أن تكون جبالا ؛ وقيل : الأحقاف ما استدار من الرمل . وقال ابن عباس : الأحقاف جبل بالشام ، وقيل : واد بين عمان ومهرة وإليه تنسب الإبل المهرية وقيل : كانوا من قبيلة إرم .

{ وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه } أي وقد مضت الرسل من قبله ومن بعده ، كذا قال الفراء وغيره والمعنى أعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله والذين سيبعثون بعده كلهم منذرون نحو إنذاره ، فالذين قبله أربعة آدم وشيث وإدريس ونوح ، والذين بعده كالصالح وإبراهيم وإسماعيل وإسحق وكذا سائر أنبياء بني إسرائيل { أن } أي بأن قال : { لا تعبدوا إلا الله } وحده { إني أخاف عليكم } تعليل لما قبله { عذاب يوم عظيم } أي هائل بسبب شرككم ، قاله القاضي ، وفيه إشارة إلى أن عظيم مجاز عن هائل لأنه يلزم العظم .