تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

الآية 21 وقوله تعالى : { واذكر أخا عاد } هذا يحتمل وجهين :

أحدهما : أي اذكر نبأ أخي{[19333]} عاد ، وهو هود عليه السلام بما عامله قومه من سوء المعاملة وما قاسى هو منهم لتتسلّى بذلك بعض [ ما ]{[19334]} عامل به قومك معك ، والله أعلم .

والثاني : { واذكُر أخا عاد } واذكر نبأ عاد /510-ب/ بما نزل بهم من العذاب والاستئصال بتكذيبهم الرسل والاستكبار عليهم والاستهزاء بهم لتُحذّر به قومك في تكذيبك والاستهزاء بك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إذ أنذر قومه بالأحقاف } أي خوّف قومه بالأحقاف . وقد اختُلف في تأويل الأحقاف :

[ قال بعضهم : الأحقاف ]{[19335]} هو اسم أرض ، خوّفهم بنزول العذاب هنالك . وقال بعضهم : هي جبال من رمل مستطيلة مرتفعة .

وقال القُتبيّ : الأحقاف واحد حِقْفٍ ، وهو الرمل ، ما أشرف من كثبانه ، واستطال وانحنى .

وقال أبو عوسجة : الأحقاف رمل بشَحْر عُمان ، وهي منازل عاد في ما زعموا ، وشَحْرٌ بلاده{[19336]} . وقيل : الحِقْف تلّ معوجّ .

وقال بعضهم : الأحقاف : الجبل حين [ نضب الماء ؛ وبان العرق ]{[19337]} كأن ينضُب من المكان من الجبل ، ويبقى أثره ، وينضُب من مكان أسفل من ذلك ، ويبقى أثره دون ذلك ، فتلك الأحقاف .

[ وقيل : هي ]{[19338]} جبل بالشام ، وقيل : هو المكان الذي [ كانت فيه ]{[19339]} منازل عاد ومُقامهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وقد خلت النُّذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله } أي خلت الرسل من قبل هود ومن بعده عليه السلام .

وقوله تعالى : { ألا تعبدوا إلا الله } كان الخطاب بهذا وقع للكل ؛ يقول : كان{[19340]} الرسل عليهم السلام يُنذرون{[19341]} أقوامهم{[19342]} بأنواع العذاب عند تكذيبهم إياهم ، ولم يزل الرسل عليهم السلام من قبل ومن بعد يدعون{[19343]} الناس إلى عبادة الله تعالى ، وينهونهم{[19344]} عن عبادة غيره .

وقوله تعالى : { إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } يحتمل قوله : { أخاف عليكم } حقيقة الخوف لما لم ييأس من إيمانهم واتّباعهم إياه . لذلك لم يقطع فيهم القول بنزول العذاب بهم ، والله أعلم .

ويحتمل أن يكون الخوف ، هو العلم حقيقة ، أي أعلم أن ينزل بكم عذاب يوم عظيم إن ختمتُم على ما كنتم عليه ، وقد يُذكر الخوف في موضع العلم .


[19333]:في الأصل وم: أخا.
[19334]:من م، ساقطة من الأصل.
[19335]:ساقطة من الأصل وم.
[19336]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: تلاوة.
[19337]:في الأصل وم: نصف المارمان الفرق.
[19338]:ساقطة من الأصل وم.
[19339]:في الأصل وم: كان.
[19340]:في الأصل وم: ثم.
[19341]:في الأصل وم: ثم.
[19342]:في الأصل وم: قومهم.
[19343]:في الأصل وم: دعوا.
[19344]:في الأصل وم: وينهوهم.