فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

قوله : { واذكر أَخَا عَادٍ } أي واذكر يا محمد لقومك أخا عاد ، وهو هود بن عبد الله بن رباح ، كان أخاهم في النسب ، لا في الدين ، وقوله : { إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ } بدل اشتمال منه ، أي وقت إنذاره إياهم { بالأحقاف } وهي ديار عاد جمع حقف ، وهو الرمل العظيم المستطيل المعوج قاله الخليل وغيره ، وكانوا قهروا أهل الأرض بقوّتهم ، والمعنى : أن الله سبحانه أمره أن يذكر لقومه قصتهم ؛ ليتعظوا ويخافوا ، وقيل : أمره بأن يتذكر في نفسه قصتهم مع هود ؛ ليقتدي به ويهون عليه تكذيب قومه . قال عطاء : الأحقاف : رمال بلاد الشحر . وقال مقاتل : هي باليمن في حضرموت ، وقال ابن زيد : هي رمال مبسوطة مستطيلة كهيئة الجبال ، ولم تبلغ أن تكون جبالاً { وَقَدْ خَلَتِ النذر مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } أي وقد مضت الرسل من قبله ومن بعده ، كذا قال الفراء وغيره . وفي قراءة ابن مسعود : ( من بين يديه ومن بعده ) والجملة في محل نصب على الحال ، ويجوز أن تكون معترضة بين إنذار هود ، وبين قوله لقومه : { إِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ } والأوّل أولى . والمعنى : أعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله ، والذين سيبعثون بعده كلهم منذرون نحو إنذاره ، ثم رجع إلى كلام هود لقومه ، فقال حاكياً عنه : { إِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } وقيل : إن جعل تلك الجملة اعتراضية أولى بالمقام ، وأوفق بالمعنى .