أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

شرح الكلمات :

{ ولا تزر وازرة وزر أُخرى } : أي لا تحمل نفس ذات وزر وزر نفس أخرى .

{ إنه عليم بذات الصدور } : أي ما يخفيه المرء في صدره وما يسره في ضميره .

المعنى :

قوله في الآية ( 7 ) { إن تكفروا فإِن الله غنيٌّ عنكم } أي بعد أن بيّن بالأدلة القاطعة وجوب الإِيمان به ووجوب عبادته ، وأنه الرب الحق وإِله الحق أعلم عباده أن كفرهم به لا يضره أبدا لأنه غنيٌ عنهم وعن سائر خلقه إلا أنه لرحمته بعباده لا يرضى لهم الكفر لما يسببه لهم من شقاء وخسران ، كما أنهم إن آمنوا وشكروا يرضه لهم فيثبتهم أحسن ثواب ويجزيهم أحسن جزاء . وقلوه { ولا تزر وازرة وزر أخرى } هذا مظهر من مظاهر عدله بين عباده وهو أن نفسا ذات وزر أي ذنب لا تحمل وزر أي ذنب نفس أخرى بل كل نفس تحمل وزرها وتتحمل تبعته ونتائجه وحدها . وقوله تعالى { ثم إلى ربكم مرجعكم } أي بعد الموت { فينبئكم بما كنتم تعملون } أي فيخبركم بأعمالكم خفيها وجليها صغيرها وكبيرها { إنه عليم بذات الصدور } فضلا عما كان عملا ظاهراً غير باطن ويجزيكم بذلك الخير بمثله والشر بمثله . فهذا ربكم الحق وإلهكم الصدق فآمنوا به ووحدوه ولا تشركوا به وأطيعوه ولا تعصوه تنجوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة . ولا يهلك على الله إلا هالك .

الهداية :

من الهداية :

- بيان غنى الله تعالى عن خلقه وافتقار الخلق إليه .

- بيان عدالة الله تعالى يوم القيامة وتقريرها .

- بيان إحاطة علم الله بالخلق وعلمه بأفعالهم وأحوالهم ظاهراً وباطناً

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

قوله تعالى : " إن تكفروا فإن الله غني عنكم " شرط وجوابه . " ولا يرضى لعباده الكفر " أي أن يكفروا أي لا يحب ذلك منهم . وقال ابن عباس والسدي : معناه لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر ، وهم الذين قال الله فيهم : " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " [ الإسراء : 65 ] . وكقوله : " عينا يشرب بها عباد الله " [ الإنسان : 6 ] أي المؤمنون . وهذا على قول من لا يفرق بين الرضا والإرادة . وقيل : لا يرضى الكفر وإن أراده ، فالله تعالى يريد الكفر من الكافر وبإرادته كفر لا يرضاه ولا يحبه ، فهو يريد كون ما لا يرضاه ، وقد أراد الله عز وجل خلق إبليس وهو لا يرضاه ، فالإرادة غير الرضا . وهذا مذهب أهل السنة .

قوله تعالى : " وإن تشكروا يرضه لكم " أي يرضى الشكر لكم ؛ لأن " تشكروا " يدل عليه . وقد مضى القول في الشكر في " البقرة " وغيرها .

ويرضى بمعنى يثيب ويثني ، فالرضا على هذا إما ثوابه فيكون صفة فعل " لئن شكرتم لأزيدنكم " [ إبراهيم : 7 ] وإما ثناؤه فهو صفة ذات . و " يرضه " بالإسكان في الهاء قرأ أبو جعفر وأبو عمرو وشيبة وهبيرة عن عاصم . وأشبع الضمة ابن ذكوان وابن كثير وابن محيصن والكسائي وورش عن نافع . واختلس الباقون . " ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور " قد تقدم في غير موضع .