أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

شرح الكلمات :

{ إنا أنزلناه } : أي القرآن ، جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا .

{ في ليلة القدر } : أي ليلة الحكم والتقدير التي يقضي فيها قضاء السنة كلها .

المعنى :

قوله تعالى { إنا أنزلناه } اي القرآن الكريم الذي كذب به المكذبون ، وأنكره الكافرون ، يخبر تعالى أن ما يتلوه عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم هو حق وحي الله وكتابه ، أنزله جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ، وذلك في ليلة الحكم والقضاء التي يقضي الله فيها ما يشاء من أحداث العالم من رزق وأجل وغيرهما إلى بداية السنة الآتية ، وذلك كل سنة ، وهذا كقوله : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم }

إذ ما قضاه الله تعالى وحكم بوجوده قد كتب في اللوح المحفوظ ، ومنه القرآن الكريم ، ثم في ليلة القدر تؤخذ نسخة من أحداث السنة فتعطى الملائكة ، وتنفذ حرفيا في تلك السنة ، ولذلك كان لليلة القدر بمعنى التقدير شأن عظيم .

/ذ1

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مدنية في قول أكثر المفسرين ، ذكره الثعلبي ، وحكى الماوردي عكسه .

قلت : وهي مدنية في قول الضحاك ، وأحد قولي ابن عباس . وذكر الواقدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة . وهي خمس آيات .

قوله تعالى : " إنا أنزلناه " يعني القرآن ، وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة ؛ لأن المعنى معلوم ، والقرآن كله كالسورة الواحدة . وقد قال : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " {[16227]} [ البقرة : 185 ] وقال : " حم . والكتاب المبين . إنا أنزلناه في ليلة مباركة " {[16228]} ، [ الدخان : 3 ] يريد : في ليلة القدر . وقال الشعبي : المعنى إنا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر . وقيل : بل نزل به جبريل عليه السلام جملة واحدة في ليلة القدر ، من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، إلى بيت العزة ، وأملاه جبريل على السفرة{[16229]} ، ثم كان جبريل ينزله على النبي صلى اللّه عليه وسلم نجوما نجوما{[16230]} . وكان بين أوله وآخره ثلاث وعشرون سنة . قاله ابن عباس ، وقد تقدم في سورة " البقرة " {[16231]} . وحكى الماوردي عن ابن عباس قال : نزل القرآن في شهر رمضان ، وفي ليلة القدر ، في ليلة مباركة ، جملة واحدة من عند اللّه ، من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمته السفرة الكرام الكاتبون على جبريل عشرين سنة ، ونجمه جبريل على النبي صلى اللّه عليه وسلم عشرين سنة . قال ابن العربي : " وهذا باطل ، ليس بين جبريل وبين اللّه واسطة ، ولا بين جبريل ومحمد عليهما السلام واسطة " .

قوله تعالى : " في ليلة القدر " قال مجاهد : في ليلة الحكم .


[16227]:آية 185 سورة القرآن.
[16228]:أول سورة الدخان.
[16229]:السفرة: هم الملائكة، جمع سافر. والسافر في الأصل: الكاتب، سمي به لأنه يبين الشيء ويوضحه.
[16230]:يعني جزءا جزءا، الآية والآيتين.
[16231]:راجع جـ 2 ص 297 طبعة ثانية.