هذه السورة مدنية في قول الأكثر . وحكى الماوردي عكسه . وذكر الواحدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة . وفي الحديث : «أن أربعة عبدوا الله تعالى ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين : أيوب وزكريا وحزقيل ويوشع » ، فعجب الصحابة من ذلك ، فقرأ : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ } السورة ، فسروا بذلك .
ومناسبتها لما قبلها ظاهر . لما قال :{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ } فكأنه قال : اقرأ ما أنزلناه عليك من كلامنا { إنا أنزلناه في ليلة القدر } ، والضمير عائد على ما دل عليه المعنى ، وهو ضمير القرآن .
قال ابن عباس وغيره : أنزله الله تعالى ليلة القدر إلى سماء الدنيا جملة ، ثم نجمه على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة .
وقال الشعبي وغيره : إنا ابتدأنا إنزال هذا القرآن إليك في ليلة القدر .
وروي أن نزول الملك في حراء كان في العشر الأواخر من رمضان .
وقيل المعنى : إنا أنزلنا هذه السورة في شأن ليلة القدر وفضلها .
ولما كانت السورة من القرآن ، جاء الضمير للقرآن تفخيماً وتحسيناً ، فليست ليلة القدر ظرفاً للنزول ، بل على نحو قول عمر رضي الله تعالى عنه : لقد خشيت أن ينزل فيّ قرآن .
وقول عائشة : لأنا أحقر في نفسي من أن ينزل فيّ قرآن .
وقال الزمخشري : عظم من القرآن من إسناد إنزاله إلى مختصاً به ، ومن مجيئه بضميره دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه ، وبالرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه .
وسميت ليلة القدر ، لأنه تقدر فيها الآجال والأرزاق وحوادث العالم كلها وتدفع إلى الملائكة لتمتثله ، قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما .
وقال الزهري : معناه ليلة القدر العظيم والشرف ، وعظم الشأن من قولك : رجل له قدر .
وقال أبو بكر الوراق : سميت بذلك لأنها تكسب من أحياها قدراً عظيماً لم يكن له قبل ، وترده عظيماً عند الله تعالى .
وقيل : سميت بذلك لأن كل العمل فيها له قدر وخطر .
وقيل : لأنه أنزل فيها كتاباً ذا قدر ، على رسول ذي قدر ، لأمة ذات قدر .
وقيل : لأنه ينزل فيها ملائكة ذات قدر وخطر .
وقيل : لأنه قدر فيها الرحمة على المؤمنين .
وقال الخليل : لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة ، كقوله : { ومن قدر عليه رزقه } أي ضيق .
وقد اختلف السلف والخلف في تعيين وقتها اختلافاً متعارضاً جداً ، وبعضهم قال : رفعت ، والذي يدل عليه الحديث أنها لم ترفع ، وأن العشر الأخير تكون فيه ، وأنها في أوتاره ، كما قال عليه الصلاة والسلام : « التمسوها في الثالثة والخامسة والسابعة والتاسعة » وفي الصحيح : « من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.