الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وقيل : مدنية ، وآياتها خمس .

عظم القرآن من ثلاثة أوجه : أحدها : أن أسند إنزاله إليه ، وجعله مختصاً به دون غيره ؛ والثاني : أنه جاء بضميره دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه ؛ والثالث : الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه . روي أنه أنزل جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا . وأملاه جبريل على السفرة ، ثم كان ينزله على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوماً في ثلاث وعشرين سنة . وعن الشعبي : المعنى إنا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر ، واختلفوا في وقتها ، فأكثرهم على أنها في شهر رمضان في العشر الأواخر في أوتارها . وأكثر القول أنها السابعة منها ؛ ولعل الداعي إلى إخفائها أن يحيي من يريدها الليالي الكثيرة طلباً لموافقتها ، فتكثر عبادته ، ويتضاعف ثوابه ، وأن لا يتكل الناس عند إظهارها على إصابة الفضل فيها فيفرَّطوا في غيرها . ومعنى ليلة القدر : ليلة تقدير الأمور وقضائها ، من قوله تعالى : { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [ الدخان : 4 ] وقيل : سميت بذلك لخطرها وشرفها على سائر الليالي .