الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وآياتها 5 .

قَوْلُه تَعَالَى : { إِنَّا أنزلناه } الضميرُ في { أنزلناه } للقرآن . قَال الشعبيُّ وغيرُه : المعْنَى : إنا ابتدأْنا إنزالَ هذا القرآن إليكَ في ليلة القدر ، وقد رُوِيَ : أن نزولَ المَلَكِ في حِراءٍ كَانَ في العشر الأواخِر من رمضان ، فيستقيمُ هذا التأويل ، وقالَ ابنُ عباسٍ وغيرُه : أَنزَلَه اللَّه تعالى ليلةَ القدرِ إلى سماءِ الدُّنْيَا جملةً ، ثم نَجَّمَه على محمدٍ صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ سنةً ، وليلةُ القدرِ خَصَّها اللَّهُ تعالى بِفَضْلٍ عَظِيمٍ ، وَجَعَلَها أفْضَل مِنْ ألْفِ شهرٍ لاَ لَيْلَةَ قَدْرٍ فِيها ؛ قاله مجاهدٌ وغيرُهُ ، وخُصَّتْ هذه الأُمَّةُ بهذه الفضيلةِ لَمَّا رأى النبي صلى الله عليه وسلم أعمارَ أُمَّتِه وتَقَاصُرَهَا ، وَخُشِيَ أَلاَّ يَبْلُغُوا مِنَ الأَعْمَالِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ في طُولِ العُمُرِ ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { لَيْلَةَ القَدْرِ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } ، قال ابن العربيِّ في «أحكامه » : وقد روى مالكٌ هذَا الحديثَ في «المُوَطَّأ » ؛ ثَبَتَ ذلكَ مِنْ روايةِ ابنِ القَاسمِ وغيره ، انتهى .