فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

97

سورة القدر

هِيَ خمس آيات وهِيَ مكية عند أكثر المفسرين . كذا قال الماوردي . وقال الثعلبي : هِيَ مدنية في قول أكثر المفسرين ، وذكر الواقدي أنها أوّل سورة نزلت بالمدينة . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير وعائشة أنها نزلت بمكة .

الضمير في { أنزلناه } للقرآن ، وإن لم يتقدّم له ذكر ، أنزل جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ ، وكان ينزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم نجوماً على حسب الحاجة ، وكان بين نزول أوّله وآخره على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وعشرون سنة ، وفي آية أخرى { إِنَّا أنزلناه فِي لَيْلَةٍ مباركة } [ الدخان : 3 ] وهِيَ ليلة القدر ، وفي آية أخرى { شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القرآن } [ البقرة : 185 ] وليلة القدر في شهر رمضان . قال مجاهد : في ليلة القدر ليلة الحكم { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر } ليلة الحكم ، قيل سميت ليلة القدر لأن الله سبحانه يقدّر فيها ما شاء من أمره إلى السنة القابلة . وقيل : إنها سميت بذلك لعظيم قدرها وشرفها ، من قولهم : لفلان قدر : أي شرف ومنزلة ، كذا قال الزهري . وقيل : سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً ، وثواباً جزيلاً . وقال الخليل : سميت ليلة القدر ، لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة ، كقوله : { وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } [ الطلاق : 7 ] أي ضيق .

وقد اختلف في تعيين ليلة القدر على أكثر من أربعين قولاً ، قد ذكرناها بأدلتها وبينا الراجح منها في شرحنا للمنتقى .

/خ5