قوله تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة القدرٌ } إلى آخرها( {[76751]} ) .
أي : إنا أنزلنا القرآن إلى السماء الدنيا جملة ] واحدة[ ( {[76752]} ) في ليلة القدر . فهذا إضمار لم يتقدم( {[76753]} ) له ذكر في السورة ، لأنه قد ( عرف )( {[76754]} ) ، وقيل : إنما جاز ذلك ، لأن القرآن كله كالسورة الواحدة( {[76755]} ) .
وقيل : الهاء( {[76756]} ) تعود( {[76757]} ) على المنزل ، ودل " أنزلنا " على المنزل ، والمنزل هو القرآن( {[76758]} ) .
وليلة القدر ] ليلة[ ( {[76759]} ) الحكم التي يقضي الله جل وعز فيها قضاء ( السنة )( {[76760]} ) ، والقدر : مصدر ] قدر[ ( {[76761]} ) الله خيرا فهو يقدره قدرا( {[76762]} ) .
يقال : ليلة القدر والقدر ، والتقى( {[76763]} ) القوم على قدر وعلى قدر ، وهذا قدر الله وقدره .
وسميت ليلة القدر لتقدير الله فيها ما شاء من أمره .
قال ابن عباس : نزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان على السماء الدنيا ، فكان( {[76764]} ) الله –جل وعز- إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئا( {[76765]} ) أنزل منه حتى جمعه ، وقاله العبي وابن جبير( {[76766]} ) .
قال مجاهد : { ليلة القدرٌ }( {[76767]} ) : ليلة الحكم " ( {[76768]} ) .
قال ابن الجبير( {[76769]} ) : " يؤذن( {[76770]} ) للحاج في ليلة القدر ، فيكتبون( {[76771]} ) بأسمائهم وأسماء آبائهم ، فلا يغادر منهم أحد ولا يزاد فيهم ولا ينقص منهم " ( {[76772]} ) .
قال رجل للحسن : أرأيت ليلة القدر ، أفي كل رمضان ؟ فقال : نعم ، والذي لا إله إلا هو ، إنها لفي كل رمضان ، وإنها لليلة يفرق فيها كل أمر حكيم ، فيها يقتضي( {[76773]} ) الله عز وجل كل أجل وكل عمل ورزق وخلق إلى مثلها( {[76774]} ) .
قيل : إنما سميت " ليلة القدر " ( {[76775]} ) على معنى ليلة الجلالة والتعظيم ، من قولهم ، لفلان قدر( {[76776]} ) .
وقد ] تواترت[ ( {[76777]} ) الأخبار أنها في العشر الأواخر من رمضان ، أخفاها الله عز وجل في العشر ] ولم يعينها النبي [ صلى الله عليه وسلم ( {[76778]} ) لئلا يفرط( {[76779]} ) الناس في العمل في غيرها والاجتهاد ويتكلوا( {[76780]} ) على فضل( {[76781]} ) العمل فيها . فهي أبدا في ليلة من العشر الأواخر من رمضان . وهي تختلف ، فتكون مرة في ] ليلة[ ( {[76782]} ) سبع ، ومرة في ليلة غيرها .
روى( {[76783]} ) أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رأيت ليلة القدر ، ثم أيقطني( {[76784]} ) بعض أهلي فنسيتها ، فالتمسوها في العشر الأواخر " ( {[76785]} ) .
( وعنه صلى الله عليه وسلم : " فالتمسوها في العشر الأواخر )( {[76786]} ) ، وفي( {[76787]} ) الوتر( {[76788]} ) منها ، أو في السبع البواقي " شك الراوي .
وروى ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إلتمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، في( {[76789]} ) تاسعةٍ تبقى ، أو سابغة تبقى ، أو خامسة تبقى " ( {[76790]} ) .
وقال عبادة بن الصامت( {[76791]} ) : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر ، فتلاحى رجلان من المسلمين ، فقال رسول الله : " إني خرجت إليكم وأنا( {[76792]} ) أريد أن أخبركم( {[76793]} ) ] بليلة[ ( {[76794]} ) القدر ، فكان بين فلان وفلان لحاء( {[76795]} ) فرفعت ، وعسى أن يكون خيرا ، فالتمسوها في العشر الأواخر في الخامسة والسابعة والتاسعة( {[76796]} ) .
وقال أبو سعيد الخدري : كان رسول اله يعتكف( {[76797]} ) العشر الوسط( {[76798]} ) من رمضان ، فاعتكف عاما حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين ، وهي التي يخرج فيها من اعتكافه ، قال : من اعتكف معي( {[76799]} ) فليعتكف العشر( {[76800]} ) الأواخر ، فقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها . وقد ] رأيتني[ ( {[76801]} ) أسجد( {[76802]} ) من صبيحتها( {[76803]} ) في ماء/وطين( {[76804]} ) ، فالتمسوها في العشر الأواخر ، والتمسوها في كل وتر . قال أبو سعيد( {[76805]} ) : فمطرت السماء من تلك الليلة وكان المسجد على عريش( {[76806]} ) فوكف( {[76807]} ) . قال أبو سعيد : فأبصرت عيناي( {[76808]} ) رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته وأنفه اثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين " ( {[76809]} ) . وقد أمر رسول الله أنيسا( {[76810]} ) أن يتوخاها( {[76811]} ) ليلة ثلاث وعشرين( {[76812]} ) .
وروى عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان متحريها( {[76813]} ) ] فليتحرها[ ( {[76814]} ) في ليلة( {[76815]} ) سبع وعشرين( {[76816]} ) .
وعن ابن عباس أنه استدل على أنها ليلة سبع وعشرين بقوله : { سلام هي } الكلمة السابعة والعشرون من أول السورة ، فكذلك ليلة القدر ليلة سبع وعشرين من الشهر( {[76817]} ) ، وهذا استدل فيه نظر إن صح عنه .
وقال كعب : والذي أنزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم أنها ليلة سبع وعشرين ، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ( أخبر )( {[76818]} ) ] لها[ ( {[76819]} ) بآية فقال : إن الشمس تطلع غدا تئذ كأنها( {[76820]} ) طست ليس لها شعاع( {[76821]} ) .
وأم النبي( {[76822]} ) صلى الله عليه وسلم عائشة ] أن[ ( {[76823]} ) تدعو إدا وافقت ليلة القدر فتقول : " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " ( {[76824]} ) .