1- سورة " القدر " من السور المكية عند أكثر المفسرين ، وكان نزولها بعد سورة " عبس " ، وقبل سورة " الشمس " ، فهي السورة الخامسة والعشرون في ترتيب النزول ، ويرى بعض المفسرين أنها من السور المدنية ، وأنها أول سورة نزلت بالمدينة .
قال الآلوسي : قال أبو حيان : مدنية في قول الأكثر ، وحكى الماوردي عكسه . وذكر الواحدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة . وقال الجلال في الإتقان : فيها قولان ، والأكثر أنها مكية . . ( {[1]} ) وعدد آياتها خمس آيات ، ومنهم من عدها ست آيات . والأول أصح وأرجح .
والسورة الكريمة من أهم مقاصدها : التنويه بشأن القرآن ، والإعلاء من قدره ، والرد على من زعم أنه أساطير الأولين ، وبيان فضل الليلة التي نزل فيها ، وتحريض المسلمين على إحيائها بالعبادة والطاعة لله رب العالمين .
الضمير المنصوب فى قوله - تعالى - { أَنزَلْنَاهُ } يعود إلى القرآن الكريم ، وفى الإِتيان بهذا الضمير للقرآن ، مع أنه لم يجر له ذكر ، تنويه بشأنه ، وإيذان بشهرة أمره ، حتى إنه ليُسْتَغْنَى عن التصريح به ، لحضوره فى أذهان المسلمين .
والمراد بإنزاله : ابتداء نزوله على النبى صلى الله عليه وسلم ، لأنه من المعروف أن القرآن الكريم قد نزل على النبى صلى الله عليه سولم منجما ، فى مدة ثلاث وعشرين سنة تقريبا .
ويصح أن يكون المراد بأنزلناه ، أى : أنزلناه جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، ثم نزل بعد ذلك منجما على النبى صلى الله عليه وسلم .
قال الإِمام ابن كثير : قال ابن عباس وغيره : أنزل الله - تعالى - القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع ، فى ثلاث وعشرين سنة ، على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والقَدْر الذى أضيفت إليه الليلة ، بمعنى الشرف والعظمة ، مأخوذ من قولهم : لفلان قدر عند فلان ، أى : له منزلة رفيعة ، وشرف عظيم ، فسميت هذه الليلة بذلك ، لعظم قدرها وشرفها ، إذ هى الليلة التى نزل فيها قرآن ذو قدر ، بواسطة ملك ذى قدر ، على رسول ذى قدر ، لأجل إكرام أمه ذات قدر ، هذه الأمة يزداد قدرها وثوابها عند الله - تعالى - إذا ما أحيوا تلك الليلة بالعبادات والطاعات .
ويصح أن يكون المراد بالقدر هنا : التقدير ، لأن الله - تعالى - يقدر فيها ما يشاء تقديره بعباده ، إلا أن القول الأول أظهر ، لأن قوله - سبحانه - بعد ذلك : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر } يفيد التعظيم والتفخيم .
أى : إنا ابتدأنا بقدرتنا وحكمتنا ، إنزال هذا القرآن العظيم ، على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فى ليلة القدر ، التى لها ما لها عندنا من قدر وشرف وعظم . . لأن للطاعات فيها قدرا كبيرا ، وثوابا جزيلا .
وليلة القدر هذه هى الليلة التى قال الله - تعالى - فى شأنها فى سورة الدخان : { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ . فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ . أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ . رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السميع العليم } وهذه الليلة هى من ليالى شهر رمضان ، بدليل قوله - تعالى - : { شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان } قال بعض العلماء : ومن تسديد ترتيب المصحف ، أن سورة القدر وضعت عقب سورة العلق ، مع أنها أقل عددَ آياتٍ من سورة البينة وسور بعدها ، وكأن ذلك إيماء إلى أن الضمير فى { أنزلناه } يعود إلى القرآن ، الذى ابتدئ نزوله بسورة العلق .
وقال صاحب الكشاف : عظم - سبحانه - القرآن من ثلاثة أوجه : أحدها : أن أسند إنزاله إليه ، وجعله مختصا به دون غيره ، والثانى : أنه جاء بضميره دون اسمه الظاهر ، شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه ، والثالث : الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه .
رُوي أنه جملة واحدة فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ، وأملاه جبريل على السفرة ، ثم كان ينزل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما فى ثلاث وعشرين سنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.