أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

شرح الكلمات :

{ أهم يقسمون رحمة ربك ؟ } : أي ينكر تعالى عليهم هذا التحكم والاقتراح الفاسد فقال أهم يقسمون رحمة ربك إذ النبوة رحمة من أعظم الرحمات . وليس لهم حق في تنبئة أي أحد إذ هذا من حق الله وحده .

{ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا } : أي إذا كنا نحن نقسم بينهم معيشتهم فنغني هذا ونفقر هذا ونملك هذا ونعزل هذا ، فكيف بالنبوة وهي أجل وأغلى من الطعام والشراب فنحن أحق بها منهم فننبئ من نشاء .

{ ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } : أي جعلنا هذا غنياً وذاك فقيراً ليتخذ الغنى الفقير خادما يسخره في خدمته بأجرة مقابل عمله .

{ ورحمة ربك خير مما يجمعون } : أي والجنة التي أعدها الله لك ولأتباعك خير من المال الذي يجمع هؤلاء المشركون الكافرون .

المعنى :

فرد تعالى عليهم نظريتهم المادية الهابطة هذه بقوله : { أهم يقسمون رحمة ربك } ؟ أما يخجلون عندما قالوا أهم يقسمون رحمة ربك فيعطون منها من شاءوا ويمنعون من شاءوا أم نحن القاسمون ؟ إنا قسمنا بينهم معيشتهم : طعامهم وشرابهم وكساهم وكسنهم ومركوبهم في الحياة الدنيا فالعاجز حتى عن إطعام نفسه وسقيها وكسوتها كيف لا يستحي أن يعترض على الله في اختياره من هو أهل لنبوته ورسالته ؟ وقوله تعالى : { ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } أي في الرزق فهذا غنى وذاك فقير من أجل أن يخدم الفقير الغنى وهو معنى قوله تعالى : { ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } ، إذ لو كانوا كلهم أغنياء لما خدم أحد أحداً وتعطلت الحياة وقوله تعالى : { ورحمة ربك } أي الجنة دار السلام خير مما يجمعون من المال الذي فضلوا أهله وإن كانوا من أحط الناس قدرا وأدناهم شرفا .

ورأوا أنهم أولى بالنبوة منك لمرض نفوسهم بحب المال والشهوات .

الهداية :

من الهداية :

- بيان الحكمة في الغنى والفقر ، والصحة والمرض والذكاء والغباء .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

قال الله تعالى { أهم يقسمون رحمة ربك } نبوته وكرامته فيجعلونها لمن يشاؤون { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا } فجعلنا بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا { ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } بالمال { ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } ليسخر الأغنياء بأموالهم الفقراء ويستخدموهم فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش في الدنيا هذا بماله وهذا بأعماله فكما قسمنا هذه القسمة كذلك اصطفينا للرسالة من نشاء ثم بين أن الآخرة أفضل من الدنيا فقال { ورحمة ربك } أي الجنة { خير مما يجمعون } في الدنيا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

فقال الله تعالى : " أهم يقسمون رحمة ربك " يعني النبوة فيضعونها حيث شاؤوا . " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا " أي أفقرنا قوما وأغنينا قوما ، فإذا لم يكن أمر الدنيا إليهم فكيف يفوض أمر النبوة إليهم . قال قتادة : تلقاه ضعيف القوة قليل الحيلة عيي اللسان وهو مبسوط له ، ونلقاه شديد الحيلة بسيط اللسان وهو مقتر عليه . وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن محيصن في رواية عنه " معايشهم " . وقيل : أي نحن أعطينا عظيم القريتين ما أعطينا لا لكرامتهما علي وأنا قادر على نزع النعمة عنهما ، فأي فضل وقدر لهما . " ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات " أي فاضلنا بينهم فمن فاضل ومفضول ورئيس ومرؤوس ، قاله مقاتل . وقيل : بالحرية والرق ، فبعضهم مالك وبعضهم مملوك . وقيل : بالغنى والفقر ، فبعضهم غني وبعضهم فقير . وقيل : بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . " ليتخذ بعضهم بعضا سخريا " قال السدي وابن زيد : خولا وخداما ، يسخر الأغنياء الفقراء فيكون به بعضهم سببا لمعاش بعض . وقال قتادة والضحاك : يعني ليملك بعضهم بعضا . وقيل : هو من السخرية التي بمعنى الاستهزاء ، أي ليستهزئ الغني بالفقير . قال الأخفش : سخرت به وسخرت منه ، وضحكت منه وضحكت به ، وهزئت منه وبه ، كل يقال ، والاسم السخرية ( بالضم ) . والسخري والسخري ( بالضم والكسر ) . وكل الناس ضموا " سخريا " إلا ابن محيصن ومجاهد فإنهما قرآ " سخريا " " ورحمة ربك خير مما يجمعون " أي أفضل مما يجمعون من الدنيا . ثم قيل : الرحمة النبوة ، وقيل الجنة . وقيل : تمام الفرائض خير مم كثير النوافل . وقيل : ما يتفضل به عليهم خير مما يجازيهم عليه من أعمالهم .