النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

قوله عز وجل : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } يعني النبوة فيضعوها حيث شاءوا .

{ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنَْيَا } يعني أرزاقهم . قال قتادة : فتلقاه ضعيف القوة قليل الحيلة عيي اللسان وهو مبسوط له ، وتلقاه شديد الحيلة بسيط اللسان وهو مقتر عليه .

{ وَرَفَعَنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } فيه خمسة أوجه :

أحدها : بالفضائل ، فمنهم فاضل ومنهم مفضول ؛ قاله مقاتل .

الثاني : بالحرية والرق ، فبعضهم مالك وبعضهم مملوك .

الثالث : بالغنى والفقر ، فبعضهم غني وبعضهم فقير .

الرابع : بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

الخامس : قاله السدي التفضيل في الرزق إن الله تعالى قسم رحمته بالنبوة كما قسم الرزق بالمعيشة .

{ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } فيه وجهان :

أحدهما : يعني خدماً ؛ قاله السدي .

الثاني : ملكاً ؛ قاله قتادة .

{ وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أن النبوة خير من الغنى .

الثاني : أن الجنة خير من الدنيا .

الثالث : أن إتمام الفرائض خير من كثرة النوافل .

الرابع : أن ما يتفضل به عليهم خير مما يجازيهم عليه من أعمالهم ، قاله بعض أصحاب الخواطر .