فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

{ أهم يقسمون رحمة ربك } .

تعجيب من حالهم ، وتجهيل وإنكار لمقالهم ، إذ تحكموا على الله سبحانه أن يكون الرسول من أصحاب الأموال والأولاد ومتع الدنيا ، فهل هم المدبرون للأمر ؟ ! كلا : { . . الله أعلم حيث يجعل رسالاته . . }{[4341]} .

{ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } .

إن أمور الدنيا ليس لهم من تدبيرها شيء ، وإنما قضت حكمتي أن أقسم بينهم أسباب معاشهم وما به يحيون ويتمتعون ، وأفضل بعضا على بعض في الرزق وما فيه يتقلبون ، وأجعلهم في ذلك على درجات متفاوتة- في قوتهم وضعفهم ، وغناهم وفقرهم ، وسلطانهم وجاههم- ليسخر الأغنياء الفقراء ، وليستعمل بعضهم بعضا في المهن والأعمال حتى يتعايشوا ، لا لكمال فيمن وسعنا عليه ، ولا لنقص في المُقتّر عليه .

{ ورحمت ربك خير مما يجمعون( 32 ) } .

جنة الله ورضاه ، وفضله وهداه ، ونبوة من اصطفاه ، أفضل من كل متع الحياة .


[4341]:سورة الأنعام. من الآية 134.