بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

قوله تعالى : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ } يعني : أبأيديهم مفاتيح الرسالة والنبوة ، فيضعوها حيث شاؤوا ، ولكننا نختار للرسالة ، من نشاء من عبادنا { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ في الحياة الدنيا } يعني : نحن قسمنا أرزاقهم فيما بينهم ، وهو أدنى من الرسالة ، فلم نترك اختيارها إليهم ، فكيف نفوض اختيار ما هو أفضل منه ، وأعظم ، وهي الرسالة إليهم .

ثم قال : { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجات } يعني : فضلنا بعضهم على بعض ، بالمال في الدنيا . { لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } يعني : الاستهزاء ويقال : فضل بعضهم على بعض في العز ، والرياسة ، ليستخدم بعضهم بعضاً ، ويستعبد الأحرار العبيد ، ثم أخبر : أن الآخرة أفضل مما أعطوا في الدنيا . فقال : { وَرَحْمَةُ رَبّكَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ } يعني : خير مما يجمع الكفار من المال في الدنيا .