غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ} (32)

31

فألزمهم الله تعالى بأجوبة أوّلها قوله على سبيل الإنكار { أهم يقسمون رحمة ربك } أي النبوّة فيضعوها حيث شاؤا { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً } أي خدماً وتابعاً ومملوكاً . واللام لام العاقبة فإن الإنسان خلق مدنياً بالطبع . وقالت المعتزلة : للغرض وإذا كانت المعايش الدنيوية مع حقارتها وخساستها مفوّضة إلى تدبير الله وتسخيره وتقديره دون أحد من خلقه ، فالأمور الدينية والمناصب الحقيقية الأخروية أولى بذلك . وقيل : الرحمة الرزق . ومعنى الآية إنكار أن الرزق منهم فيكف تكون النبوّة منهم ؟ واستدلال السني بالآية ظاهر في أن كل الأرزاق من الله حلالاً كانت أو حراماً . وقالت المعتزلة : الله تعالى قاسم ولكن العباد هم الذين يكسبونها صفة الحرمة بسوءتنا ولهم . والجواب أنه كما قسم الرزق عن الجهة التي بها يصل الرزق إليه فكل بقدره . وثانيها قوله { ورحمة ربك خير مما يجمعون } لأن الدنيا منقضية فانية ودين الله وما يتبعه من السعادات باقٍ لا يزول ، فكيف يجعل العاقل ما هو الأخس أفضل مما هو الأشرف ؟

/خ56