{ إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم } نداؤهم له باسمه : دليل على أنهم لم يكونوا يعظمونه كتعظيم المسلمين لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فإنهم كانوا لا ينادونه باسمه ، وإنما يقولون يا رسول الله يا نبي الله ، وقولهم ابن مريم : دليل على أنهم كانوا يعتقدون فيه الاعتقاد الصحيح من نسبته إلى أم دون والد ، بخلاف ما اعتقده النصارى .
{ هل يستطيع ربك } ظاهر هذا اللفظ أنهم شكوا في قدرة الله تعالى على إنزال المائدة وعلى هذا أخذه الزمخشري ، وقال : ما وصفهم الله بالإيمان ، ولكن حكى دعواهم في قولهم آمنا وقال ابن عطية وغيره : ليس كذلك لأنهم شكوا في قدرة الله لكنه بمعنى هل يفعل ربك هذا ، وهل يقع منه إجابة إليه ، وهذا أرجح ، لأن الله أثنى على الحواريين في مواضع من كتابه ، مع أن في اللفظ بشاعة تنكر ، وقرئ تستطيع بتاء الخطاب ربك بالنصب أي هل تستطيع سؤال ربك ، وهذه القراءة لا تقتضي أنهم شكوا ، وبها قرأت عائشة رضي الله عنها ، وقالت : كان الحواريون أعرف بربهم من أن يقولوا : هل يستطيع ربك .
{ أن ينزل علينا مائدة من السماء } موضع أن مفعول بقوله يستطيع على القراءة بالياء ، ومفعول بالمصدر ، وهو السؤال المقدر على القراءة بالتاء ، والمائدة هي التي عليها طعام ، فإن لم يكن عليها طعام فهي خوان .
{ قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين } فقوله لهم :{ اتقوا الله } : يحتمل أن يكون زجرا عن طلب المائدة ، واقتراح الآيات ، ويحتمل أن يكون زجرا عن الشك الذي يقتضيه قولهم هل يستطيع ربك على مذهب الزمخشري ، أو عن البشاعة التي في اللفظ وإن لم يكن فيه شك ، وقوله :{ إن كنتم مؤمنين } هو على ظاهره على مذهب الزمخشري ، وأما على مذهب ابن عطية وغيره ، فهو تقرير لهم كما تقول افعل كذا إن كنت رجلا ، ومعلوم أنه رجل ، وقيل : إن هذه المقالة صدرت منهم في أول الأمر قبل أن يروا معجزات عيسى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.